في حوار مع سماحة الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف حول ظاهرة الطلاق
الشيخ اليوسف: ظاهرة تزايد حالات الطلاق من الظواهر الاجتماعية المقلقة
محرر الموقع - « إعداد: السيد عبد الحميد الحسني » - 30 / 4 / 2021م - 4:24 م
الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في حوار عن ظاهرة الطلاق
الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف في حوار عن ظاهرة الطلاق

أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في حوار أقيم في حسينية الناصر بمدينة سيهات مساء الاثنين ليلة الثلاثاء 14 رمضان 1442هـ الموافق 19 أبريل 2021م على أن من الظواهر المقلقة في المجتمع ظاهرة تزايد حالات الطلاق، حيث تترك هذه الظاهرة الكثير من الآثار السلبية والضارة بسلامة المجتمع وبنيته وتماسكه، فزيادة معدل الطلاق ينتج عنه بعض الأمراض والمشاكل النفسية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية وخصوصاً على فئتي النساء والأطفال.

وأضاف قائلاً: إن تزايد حالات الطلاق أمر ملحوظ، خصوصاً في السنوات المتأخرة، ولا شك أنه يخلق و يولد العديد من الأمراض النفسية و التربوية والأخلاقية و الاجتماعية، و بلغة الأرقام فإن ربع حالات الزواج تنتهي بالطلاق!!  يعني (١/٤) من حالات الزيجات في المجتمع.

وقال: بالنسبة لمحافظة القطيف فإن الإحصائيات تشير إلى أنه بمعدل من حالتين إلى ثلاث حالات تحدث حالة طلاق يومياً، وهذا العدد يشير إلى مؤشر زيادة الطلاق في المجتمع، في السابق قلما نسمع عن حالة طلاق في المجتمع، و إذا حصلت حالة طلاق نجد وكأن شيئاً كبيراً قد حدث في المجتمع، أما اليوم فنجد أن حالات الطلاق أصبحت أشبه بالأمور العادية الروتينية و ذلك للتساهل في هذا الأمر.

وأوضح بالقول: لو رجعنا إلى النصوص الدينية لوجدنا التأكيد على كراهية الطلاق وعدم محبوبيته إن لم يكن هناك عذر شرعي، عندنا الكثير من الروايات الشريفة التي تبين أن أبغض الحلال إلى الله هو الطلاق، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: «تَزَوَّجُوا وَ لَا تُطَلِّقُوا فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَهْتَزُّ مِنْهُ الْعَرْشُ»، إن الهدف من الزواج هو بناء أسرة  متماسكة، هو تكوين ذرية صالحة،  هو المساهمة في إيجاد النسل الطيب، هذه من أهداف الزواج، فإذا انتهى الزواج بالطلاق فإن هذا يؤدي إلى خلاف الأهداف المرجوة  من الزواج!!

ودعا في نهاية الحوار إلى معالجة ظاهرة الطلاق، والعمل على تقليل حالاته من خلال نشر الثقافة الزوجية، وأخذ دورات تثقيفية في الحياة الزوجية، وتفعيل دور لجان إصلاح ذات البين وحل الخلافات الزوجية بالحوار والتفاهم.

وإليكم نص الحوار كاملاً:

مقدمة المحاور: الأستاذ  هيثم آل زواد:

أعوذ بالله من الشيطان الغوي الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين و حبيب قلوب العالمين أبي القاسم محمد و على آله الطيبين الطاهرين..


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، و كل عام و أنتم بخير و تقبل الله صيامكم و قيامكم في هذا الشهر الفضيل ...أسرة لجنة الثقلين ترحب بكم في برنامجها الثقافي الرمضاني "الدروازة" لحلقتها الأخيرة بعنوان (جائحة الطلاق) بعد البحث عن لقاح لإيقاف جائحة كورونا لايزال البحث عن لقاح لإيقاف جائحة الطلاق، الطلاق و ما أدراك ما الطلاق الذي أصبح ينتشر بيننا و في بيوتنا و أسرنا و عوائلنا و مجتمعاتنا كإنتشار النار في الهشيم، يا ترى هل الزواج اليوم أصبح سياحة بعدما كان ميثاقاً غليظاً؟ لماذا أصبح الطلاق أحب الحلال بعدما كان أبغض الحلال؟ لماذا أصبح الطلاق أول الحلول بعدما كان في السابق آخر الحلول؟ لماذا أصبحنا نبحث في الطلاق عن الفعل و الفاعل و المفعول به بعدما كان في السابق لا محل له من الإعراب؟

 
البعض يلقي اللوم على إهمال الزوجة مع أولادها و بيتها و البعض الآخر يلقي اللوم على الزوج الذي ليس لديه القدر من المسؤولية و البعض الثالث يلقي المسؤولية على الزوجين لضعف ثقافتهما للحياة الزوجية، تعالوا معي لنسلط الضوء أكثر حول هذا الموضوع (جائحة الطلاق) مع ضيف كريم في شهر كريم، مع سماحة الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف.

السلام عليكم شيخنا، كل عام و أنتم بخير، نريد تعريف بسيط عن الشيخ وبما أن المعروف لا يعرف لكن بشكل موجز: هو سماحة الشيخ عبد الله أحمد كاظم اليوسف من الحلة بالقطيف، مفكر إسلامي و باحث و أستاذ حوزة و إمام مسجد الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم، حاصل على وكالات شرعية و اجازات في الرواية، حضر بحث الخارج في العلوم الشرعية والإسلامية في الحوزة العلمية، و دكتوراه في الفقه و المعارف الإسلامية، شارك في عدد من المؤتمرات الفقهية و القرآنية و العلمية و الثقافية  في العالم الإسلامي، و قام بتقديم و إعداد مجموعة من المحاضرات الدينية و الفكرية و الثقافية و التي بثت على عدد من القنوات الفضائية  المختلفة منها: برنامج عالم الشباب، أفكار على مائدة رمضان، آية و فكرة و غيرها، و صدر له حتى الآن ٦8 كتاب، أبرزها: موسوعة أئمة أهل البيت ( عليهم السلام) العلمية، صدر منها حتى الآن سبعة مجلدات، وبعض الكتب مثل الشخصية الناجحة، الشباب هموم الحاضر و تطلعات المستقبل، و المرأة في زمن متغير، و غيرها من المؤلفات.

لو بدأت معكم سماحة الشيخ، لو تعطينا موجز حول ظاهرة الطلاق..

مفتتح:

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف:

من الظواهر المقلقة في المجتمع ظاهرة تزايد حالات الطلاق، حيث نترك هذه الظاهرة الكثير من الآثار السلبية والضارة بسلامة المجتمع وبنيته وتماسكه، فزيادة معدل الطلاق ينتج عنه  بعض الأمراض والمشاكل النفسية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية وخصوصاً على فئتي النساء والأطفال.

إن تزايد حالات الطلاق أمر ملحوظ، خصوصاً في السنوات المتأخرة، لاشك أنه يخلق و يولد العديد من الأمراض النفسية و التربوية والأخلاقية و الاجتماعية، و بلغة الأرقام ربع حالات الزواج تنتهي بالطلاق!!  يعني (١/٤) من حالات الزيجات في المجتمع، و بالنسبة لمحافظة القطيف فإن الإحصائيات تشير إلى أنه بمعدل من حالتين إلى ثلاث حالات يومياً تحدث حالة طلاق،  و هذا العدد يشير إلى مؤشر زيادة  الطلاق في المجتمع، في السابق قلما نسمع عن حالة طلاق في المجتمع، و إذا حصلت حالة طلاق نجد وكأن شيئاً كبيراً قد حدث في المجتمع، أما اليوم نجد أن حالات الطلاق أصبحت أشبه بالأمور العادية الروتينية و ذلك للتساهل في هذا الأمر،  و لو رجعنا إلى النصوص الدينية لوجدنا التأكيد على كراهة الطلاق إن لم يكن هناك عذر شرعي، عندنا الكثير من الروايات الشريفة التي تبين أن أبغض الحلال إلى الله هو الطلاق، و كما بدأنا الكلام بقول رسول الله صلى الله عليه و آله: «تَزَوَّجُوا وَ لَا تُطَلِّقُوا فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَهْتَزُّ مِنْهُ الْعَرْشُ» ، إن الهدف من الزواج هو بناء أسرة  متماسكة، هو تكوين ذرية صالحة،  هو المساهمة في إيجاد النسل الطيب، هذه من أهداف الزواج، فإذا انتهى الزواج بالطلاق فإن هذا يؤدي إلى خلاف الأهداف المرجوة  من الزواج!!

و من هنا روى الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: «مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ- عَزَّ وَ جَلَّ- مِنْ بَيْتٍ يُعْمَرُ فِي الْإِسْلَامِ‏ بِالنِّكَاحِ، وَ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَبْغَضَ إِلَى اللَّهِ- عَزَّ وَ جَلَّ- مِنْ بَيْتٍ يُخْرَبُ فِي‏ الْإِسْلَامِ بِالْفُرْقَةِ، يَعْنِي الطَّلَاقَ» . و روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: «ما أحَلَّ اللَّهُ شيئاً أبغَضَ إلَيهِ مِن الطَّلاقِ» ، إذن نصوص كثيرة في عدم محبوبية الطلاق، و إن الطلاق أمر مكروه في الأصل إلا إذا كان هناك عذر كما قلنا – قد نأتي إليها في أثناء الحديث- فالمهم في الموضوع أن ظاهرة الطلاق  و انتشارها في المجتمع، لا شك أنه يخلق العديد من المشاكل النفسية خصوصاً على فئتي النساء و الأطفال، عادة أن المرأة المطلقة قد يؤدي الطلاق بها إلى  مشاكل نفسية، وقد يؤدي بها إلى انحرافات، قد يؤدي بها إلى الشعور بالاكتئاب و ما شابه ذلك، ( المحاور مشاكل اجتماعية)  و كذلك إلى فئة الأطفال،  عادة هم يكونوا ضحايا الطلاق،  لذلك يجب أن تعالج هذه المشكلة و نتعرف على الأسباب و كيف نعالج مشكلة الطلاق..

الأستاذ هيثم آل زواد: المحور الأول: ما هي أبرز أسباب الطلاق؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف:

 أسباب الطلاق متنوعة و عديدة و قد تختلف من حالة إلى أخرى، يعني الآن لو جئنا لكل إنسان طلق امرأته قد يكون العذر او السبب مختلف من حالة إلى أخرى، لكن هناك حالات يشترك فيها الناس، حيث سجلت ١٣ سبباً للطلاق، طبعاً أسباب الطلاق عديدة و كثيرة و يمكن الواحد يتحدث عن أكثر من ٣٠ سبب للطلاق، لكن ماهي أهم الأسباب؟ في نظري هي الأمور الآتية:

١.غياب الثقافة الزوجية:

 أحيانا الزوج و الزوجة يقدمان على هذا المشروع، مشروع الزواج، بدون أن يتثقفا بثقافة الزواج، الزوج ليس لديه حالة من النضج و لا الزوجة ليس لديها حالة من النضج، كيف تتعامل مع زوجها؟، ضعف الثقافة الزوجية هذا يؤدي إلى الطلاق في كثير من الحالات، الإنسان يقدم على هذه الحالة فقط لإشباع الغريزة الجنسية، لكن ما يفكر كيف يتعامل مع الطرف الآخر؟ ماهي أسرار نجاح الحياة الزوجية؟ ماهي الامور التي يجب أن يدير بها الأسرة؟ و بالتالي ضعف هذه الثقافة الزوجية عند الزوجين، عدم قراءة الكتب في هذا الجانب لأن الثقافة الزوجية واسعة جداً،   الزواج عالم يحتاج الإنسان يقرأ في هذا الجانب، أو يأخذ دورات في الثقافة الزوجية، الآن الحمد لله عندنا مراكز تهتم بالثقافة الزوجية و إن كانت قليلة في المجتمع تعطي دورات في هذا الجانب المهم.

الأستاذ هيثم آل زواد: لو استوقفتكم شيخنا، هل تؤيدون إضافة مواد تدريسية في المراحل التدريسية، الثانوية العامة مثلاً حول الثقافة الزوجية؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف:

 و الله أؤيد هذا الشيء، أرى أن هذا الأمر ضروري جداً لأن نسب الطلاق عندنا، تدل على أن هناك مشكلة، مثلما أضافوا الكثير من الأمور في المناهج الدراسية، و الإنسان بداية حياته و هو شاب و البنت و هي شابة، تقضي جزءاً مهماً من حياتها و هي تدرس، فما المانع أن يكون هناك إضافة لمادة الثقافة الزوجية، أتصور لو يكون هناك تدريس في هذا الجانب قد يساهم في حل جزء من المشكلة، هذا عن السبب الأول..

٢.الإهمال و عدم تحمل المسؤولية:

أحياناً أحد الزوجين يكون عنده إهمال و عدم مبالاة، عدم شعور بالمسؤولية، الحياة الزوجية هي مسؤولية سواء من قبل الزوج أو الزوجة، فهي تقوم بواجباتها التي عليها وكذا الزوج، فإذا الزوج قصر و أهمل و إذا الزوجة قصرت و أهملت، هذا يؤدي شيئاً فشيئاً إلى فساد الحياة الزوجية، تأتينا الكثير من المشاكل أن الزوج عنده عدم اهتمام بشريكة حياته، أو الزوجة عندها عدم اهتمام بشريك حياتها، ما تهتم بالنظافة و لا تهتم بعناية ما يتطلبه الزوج أو إدارة المنزل كما ينبغي، أو الزوج لا يوفر المتطلبات الواجبة عليه، لا ينفق على زوجته بالطريقة المطلوبة، لا يوفر الأشياء المهمة، يهمل توفير المتطلبات و أداء المسؤوليات في أوقاتها،هذا أيضاً  من أسباب الطلاق.

٣.الأسباب المادية و المالية:

هذه لها عدة صور، أحياناً الزوج يمر بظروف مادية قاهرة، الآن مثلاً في ظل جائحة كورونا،  يمكن بعض الأزواج  انضغطوا ماياً، صار عندهم مشاكل مالية، والزوجة إذا لم تقدر ظروف زوجها و قالت له: وفر ما أحتاج وحتى لو  تقترض، هذا يسبب مشاكل، المفروض الزوجة تراعي ظروف زوجها، يمكن يمر بظروف غير قادر على تلبية كل الحاجات،  أحياناً الزوجة تطلب من الزوج أكثر مما يستطيع، أحياناً الزوج يكون عنده راتب معين، متطلبات الزوجة فوق هذه الطاقات، تقارن نفسها مثلاً بصديقاتها اللواتي أزواجهن يستلمون رواتب عالية جداً، كما نعلم الناس مختلفة من حيث الدخل أو من حيث الراتب، و بالتالي الزوجة إذا لم تراعي هذا الأمر يؤدي إلى خلق مشاكل مع زوجها.

وأذكر لكم  صورة أخرى من صور المشاكل المالية، إذا كانت الزوجة  تعمل، والزوج يريد يسيطر على مال زوجته، و هذا ليس من حقه شرعاً و لا قانوناً، لا من الناحية الشرعية له حق في التصرف في مال زوجته إلا إذا هي تريد تساهم معه، تعاون زوجها برضا نفسها، بطيبة نفسها هذا جيد،أما أن يجبرها تأخذ قرضاً مثلاً باسمها و بعد ذلك لا يسدده وإنما الزوجة هي التي تقوم بتسديد المبلغ، أو يأخذ القرض ثم يطلقها أصلاً، هذا أيضاً من أعظم المشاكل، القضايا المالية لها صور متعددة، و هذه من الأسباب التي قد تؤدي إلى  الطلاق والانفصال.

٤. عدم الرضا الزواجي:

و من الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق أيضاً، عدم الرضا الزواجي، ماذا يعني؟  يعني الزوج بعدما يتزوج يرى زوجته ليست بالمواصفات التي كان يتمناها، أو العكس، أن الزوجة تنظر إلى زوجها ليس فيه مواصفات فارس الأحلام الذي كانت ترغب فيه، فتسبب حالة عدم الرضا، هذه الحالة إذا تضخمت، و دائماً الزوج أو الزوجة متذمر(ة) مع شريك الحياة، هذه مع الزمن شيئاً فشيئاً تؤدي إلى الانفصال، تؤدي إلى الطلاق.. لكن أحياناً الواحد ما عنده الرضا بنسبة ١٠٠% ، الرضا الزواجي يمكن نقسمه درجات، ومسألة الرضا الزواجي مسألة نسبية.


الأستاذ هيثم آل زواد: ممكن نربطها بالقناعة، ما في قناعة ما بين الزوجين..

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: أحسنت، هذه لفتة جميلة، أحياناً فعلاً ما تكون في قناعة، دائماً الزوجة تنظر لزوجها و تقارنه بالآخرين، و يمكن مع أزواج أخواتها، المقارنات هذه من الأشياء التي تخلق مشاكل بين الزوجين، أو الزوج يقارن زوجته بصديقاتها، أو بالممثلات والفنانات و ما شابه ذلك هذه تؤدي إلى مشاكل و قد تتضخم الأمور و تصل إلى الإنفصال.

٥.اختلاف المستوى الثقافي:

من أسباب الطلاق أيضاً: اختلاف المستوى الثقافي بين الزوجين، و تباين البيئة الاجتماعية، أو العادات بين الزوجين، إذا كان المستوى الثقافي متباعد جداً، إذا الزوج مثلاً مخلص دراسة و متعلم و مثقف، و الزوجة مخلصة سادس ابتدائي، أو العكس، الزوجة مثلاً دكتوراه أو دارسة دراسات عليا، والزوج ما مخلص حتى متوسط مثلاً، أو التفاوت الثقافي عموماً، لأن الشهادة  علامة من علامات التعليم، لاشك أنها علامة مهمة، لكن أهم شيء في الحياة الزوجية النضج و الوعي، الفهم، أحياناً يمكن الزوجة دارسة و الزوج دارس و متخرجين من الجامعة لكن النضج في الزواج و في التعامل و فهم شريك الحياة  ليس بالمستوى المطلوب، الاختلاف في المستوى الثقافي أو عدم  الانسجام الثقافي، يعني الأفكار و التوجهات و القناعات تكون متضاربة بين الزوج والزوجة هذه قد تؤدي إلى مشاكل، أو اختلاف العادات و التقاليد، هذه خصوصاً إذا كان أحدهما متزوج مثلاً من الخارج، من مناطق مختلفة عنا في العادات و التقاليد، و نحن الحمد لله كل عاداتنا و وتقاليدنا واحدة ..لكن أحياناً حتى في نفس المجتمع الواحد تكون طريقة الحياة مختلفة، يعني مثلاً أسرة تعيش في رفاهية، و أسرة فقيرة جداً، هذه أيضاً قد تخلق مشاكل، حتى العادات، و طريقة اللباس،   في نوع الحجاب، مفهوم الحياء، نمط الحياة، و نمط المعيشة، هذه أيضاً أسباب قد تؤدي إلى توليد مشاكل بين الزوجين، و هي من الأسباب التي قد تؤدي إلى الطلاق.

   ٦.عدم الإشباع العاطفي و الجنسي:

أتصور أن هذا السبب من أهم النقاط و أسباب الطلاق، أما عن عدم الإشباع العاطفي، أحياناً تكون الزوجة ما عندها ذكاء عاطفي في التعامل مع زوجها، أو الزوج كذلك،  يتعامل مع زوجته  ببرود وجفاف، و هذا ما يعبر عنه بالقول: أنه لديه بخل في المشاعر، و بخل المشاعر  قد يكون من الزوج أو من الزوجة تجاه شريك الحياة، و عدم التعامل بطريقة صحيحة، وعدم  تحقيق الإشباع العاطفي، و لذلك من المشاكل التي غالباً نلحظها، تشتكي بعض الزوجات قائلة: الزوج ما في يوم من الأيام قال لي كلمة حلوة،  أو ما في يوم من الايام قال لي كلمة "أحبك"، ما في يوم من الأيام عبّر عن رضاه حول الطبخ أو حول بعض ما أقوم به في البيت، دائماً متذمر، دائماً عنده حالة السلبية..

أو العكس الزوجة ما تقول لزوجها أيضاً، ما تبدي المشاعر الطيبة تجاهه، أحياناً هناك جفاف في تبادل المشاعر، هذا يؤدي كذلك إلى الانفصال و الطلاق العاطفي، يعني هما متزوجين ظاهرياً لكن هناك طلاق عاطفي، لا يعيشا تبادل المشاعر أو نفس الأحاسيس، لا يعبران عن محبتهما تجاه بعضهما البعض، و بالتالي صحيح هما ظاهرياً متزوجين و يعيشان مع بعض، لكن عملياً يعيشا حالة الطلاق العاطفي.. أما عدم الإشباع الجنسي هذه يمكن تصنيفها من الأمور المسكوت عنها، أحياناً نرى انفصال و هناك طلاق، لأن الزوجة لا تقوم بما يطلبه الزوج منها بالقدر المطلوب أو العكس، أو الزوجة أحياناً تكون لديها أمراض نفسية، أو برود جنسي من أحدهما فهذا الأمر من  أسباب الانفصال و الطلاق بين الزوجين، نكتفي بهذا المقدار بالنسبة لهذا السبب لأنه موضوع نوعاً ما حساس و لا نفصل فيه زيادة.

٧.التقنيات الحديثة و توليد الشكوك:

هذه من الأسباب الحديثة، سابقاً ما كان موجود هذا السبب قبل موجة الإنترنت و مواقع التواصل الاجتماعي، الآن مع هذه الطفرات في التقنيات الحديثة، و ظل يطلع علينا كل فترة تطبيق جديد، هذا خلق شكوك أحياناً، سواء من الزوج أو الزوجة تجاه شريك الحياة، حيث كثيراً ما تأتينا مشاكل لهذا السبب و أحياناً تصير غيرة كبيرة لدى الزوجة، إذ لأن تحب زوجها دائماً ما تشك في زوجها بمجرد ما يفتح الجوال أو يدخل على النت، على أنه ممكن عنده علاقات مع أخريات، و أحياناً العكس أيضاً، الزوج يشك في زوجته بسبب أنها تجلس على هذه التقنيات الحديثة و مواقع التواصل الاجتماعي لمدة طويلة، و قد صارت لغة تبادل المشاعر  بين بعض الأزواج متجمدة بسبب التقنيات الحديثة، يعني الزوج ما يرغب في الحوار و النقاش و الأخذ و العطاء مع زوجته أو الزوجة كذلك، كل واحد قاعد على جواله (الموبايل) في غرفة وحده و كل واحد في عالم، و هذه لا شك خلقت مشاكل لم تكن موجودة سابقاً، و قد تؤدي - بل أدت بالفعل - إلى  الانفصال و الطلاق.

٨. تدخل الاهل في كل التفاصيل الصغيرة و الكبيرة:

 الأهل المفروض يكون دورهم إيجابياً في تمتين الحياة الزوجية، أما دورهم السلبي و تشجيع طرف ضد الطرف الآخر، فهذا قد يؤدي إلى الطلاق أيضاً، حيث في السابق كان الأهل  دائماً عامل ايجابي، الزوجة إذا جاءت لبيت أهلها غضبانة أو زعلانه، الأب يقول لها: ارجعي لبيت زوجك،  اجلسي معه، وكلميه و تفاهمي معه، الآن لا، العائلة أي مشكلة تصف مع البنت ضد الزوج، مع البنت على حق أو باطل، و هذا طبعاً بسبب الحب للبنت، لكن قد يؤدي إلى خراب الحياة الزوجية بسبب هذه التدخلات غير السليمة والفاقدة لمعالجة المشاكل بحكمة وحنكة.


المحور الثاني: ما هي أهم العلاجات لجائحة الطلاق؟

الأستاذ هيثم آل زواد: طيب، نكتفي بهذا القدر للأسباب سماحة الشيخ، نحن دائماً نذكر الأسباب، طيب لتنطلق من كون حصل الزواج حتى لا يقع الطلاق ما هو المطلوب الآن؟ حصلت مشكلة بين زوجين و نريد أن لا يحصل الطلاق، كيف ذلك؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: المطلوب اتباع عدة نقاط عكس ما ذكرناه تماماً، يعني مثلاً:

١. تنمية الثقافة الزوجية و الأسرية:

 المفروض من الزوجين في أثناء الخطوبة، يأخذا لهما دورات حول الثقافة الزوجية، يقرؤوا كتب في هذا الجانب يتثقفوا بالثقافة الزوجية، حتى يصير لديهما فهم أفضل للعلاقة الزوجية.

٢.اتباع منهج المرونة و التسامح:

الكثير من المشاكل تبدأ تافهة و بسيطة لكن لأنه لا يوجد تسامح بين الزوجين تؤدي إلى مشاكل وتتضخم مع مرور الأيام، العناد من أحد الطرفين أو من شريك الحياة، التدقيق في  كل صغيرة و كبيرة، عدم التسامح تجاه الأمور التافهة و البسيطة، عدم المرونة في العلاقة الزوجية، هذا يؤدي إلى تفاقم المشاكل، والحل ، الإنسان يكون متسامحاً، و المتسامح كريم، و المتسامح محسن،  بالتسامح تستمر الحياة الزوجية، و لذلك روي عن الامام علي عليه السلام أنه قال: تَغافَل يُحمَد أمرُكَ ، يعني الإنسان لازم يتغافل، يغض الطرف عن بعض الأمور، فهذا من طرق العلاج حتى لا تنخلق المشاكل.

٣. القيام بالواجبات و أداء الحقوق:

هناك واجبات على كل طرف، على الزوج و الزوجة كذلك، و هناك أيضاً حقوق للطرف الآخر، قيام الطرفين بالواجبات لكلاهما مع أداء الحقوق للطرف الآخر، هذه تؤدي إلى تمتين الحياة الزوجية و تمنع وقوع الطلاق.

الأستاذ هيثم آل زواد: طيب سماحة الشيخ، هناك مشكلة لو أحد الطرفين غير مقتنع بهذه الحقوق، و كل واحد يرى أن هذه الحقوق ظلم للآخر؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف:

 نحن عندنا في الشرع، أي من الناحية الشرعية الله سبحانه و تعالى أقرّ هذه الحقوق، فالإنسان ينبغي له أن يأخذ بها و يعمل عليها و هي حقوق يقرها حتى القانون الحديث، حتى في الأنظمة الوضعية هناك حقوق متبادلة بين الزوجين، يعني مثلاً   الزوج يجب عليه أن ينفق على زوجته حتى ولو كانت غنية، هذا الأمر أقره الله سبحانه وتعالى كما في قوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أي بالنفقة على الزوجة، أيضاً الزوج يجب عليه توفير المأكل و المشرب و المسكن بالقدر المتعارف عليه، الزوجة يجب عليها أن تطيع زوجها في عدم الخروج من المنزل إلا بإذنه، إلا إذا اشترطت قبل الزواج أو أثناء العقد، أنها تخرج للعمل، أو لا يمنعها  من زيارة أقاربها أو من الخروج مطلقاً، إذا اشترطت وجب على الزوج الوفاء من باب وجوب الوفاء بالشرط.

الأستاذ هيثم آل زواد: مقبولة هذه في الشرع؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: نعم مقبولة، مع الشرط، من باب الوفاء بالشرط.

طبعاً هناك نقطة مهمة و هي أحياناً، بالتحديد في أثناء الطلاق تحدث مشاكل، في الطلاق الخلعي (أي أن الزوجة هي التي تريد الطلاق)، لأنها تكره زوجها و تريد تتطلق منه، فيجوز للزوج أن يطلب أي مبلغ مقابل تطليقها، عندنا في مذهب الإمامية يجوز له أن يطلب أي مبلغ مقابل أن يطلقها، فهنا الزوجة تعترض و تقول هذا ظلم...!

الأستاذ هيثم آل زواد: في الطلاق الخلعي؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: نعم في الطلاق الخلعي، الزوجة تقول هذا ظلم، الإسلام وضع حل، ما هو الحل؟ المرأة يمكنها أن تشترط، و هذا أيضاً مهم أثناء عقد الزواج؛ المفروض الأخوات ينتبهوا لهذا الموضوع، المرأة يجوز لها أن تشترط أنه في حالة الطلاق الخلعي -لا سمح  الله- أن لا يطلب الزوج أي شيء أو لا يطلب أكثر من المهر، إذا وضعت هذا الشرط هنا تنحل المشكلة، يعني الزوج يجب عليه الوفاء بالشرط و القانون يلزمه بهذا الأمر، أما إذا ما اشترطت منذ البداية و طلبت الطلاق الخلعي، الرجل بإمكانه القول  أطلق ما في مشكلة لكن مقابل بدل أي مقابل مبلغ معين، و عليه هنا لابد من معرفة تفاصيل الأحكام الشرعية، الإسلام دائماً يأمر بالعدل و هو عادل لكلا الطرفين ولكن أحياناً بعض الأشخاص لديهم نقص في الثقافة الفقهية لا يعرفون الأمور من جميع التفاصيل فيقع في المشكلة.

٤. الاحترام المتبادل بين الزوجين:

أعتقد أن هذه نقطة مهمة جداً، كثير من الأحيان الزوجة تقول: الزوج ما يحترمني و يهينني و يضربني و يشتمني ...إلخ، أو الزوج يقول: الزوجة ما تحترمني ترفع صوتها و تتصرف تصرفات غير صحيحة، ما عندها احترام لشخصيتي، حتى لا يقع الطلاق، يجب أن يكون احترام متبادل بين الزوجين، الزوج يحترم زوجته و الزوجة تحترم زوجها.

٥.الصبر و التحمل:

الصبر والتحمل من العوامل المهمة في منع وقوع الطلاق، ليس لأقل سبب يقول " نطلق"!! كأن تقول الزوجة لزوجها: طلقني أو العكس الزوج يقول لها: راح أطلقك!!! حالة الغضب و العصبية الزائدة و أتصور حالة الزعل الزائدة خصوصاً لدى الجيل الجديد، و من العصبية و الغضب لأتفه الامور، أيام زمان كانت المرأة تتحمل من أجل أولادها و من أجل الأسرة حتى لا تتفكك، الزوج أيضاً يصبر على أذى زوجته أو بعض سوء تصرفها، فالصبر و التحمل مهم جداً من أجل الحفاظ على الأسرة، أكيد قلما نجد أسرة ما فيها بعض المشاكل، بعض الخلافات، بعض التوترات ، طبيعة الحياة الإنسانية تحدث فيها بعض المشاكل لأسباب مختلفة، بالصبر و التحمل تنحل هذه المشكلة، الصبر يمنع الطلاق و التحمل كذلك، على الأقل من أجل الأولاد، من أجل العشرة و استمرار الأسرة.

٦.حل الخلافات بالحوار و التواصل الإيجابي:

 كثير من الخلافات الزوجية يمكن حلها بالحوار، يمكن حلها بالصلح، إدخال طرف آخر للصلح، ليس مباشرة نأخذ موعداً في المحكمة للطلاق، و يا الله نطلق!! حالة العصبية و حالة الغضب هذا أمر منهي عنه، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: «إيّاك والغَضَبَ، فَأوَّلُهُ جُنونٌ وآخِرُهُ نَدَمٌ» ، و جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله، قال له أوصني، فقالَ لَهُ: « انطَلِقْ ولا تَغضَبْ، ثُمّ أعادَ إلَيهِ فقالَ لَهُ: انطَلِقْ ولا تَغضَبْ- ثلاثَ مَرَّاتٍ-».

تأكيد من النبي الأكرم صلى الله عليه و آله أنه على الإنسان ألا يكون عصبياً، و يحافظ على أعصابه و على اتزانه، حيث وصلتني حالات من المشاكل الزوجية راحوا إلى المحكمة و أخذوا موعداً من أجل إجراء الطلاق، وكانوا معزمين على الطلاق، لكن بالتدخل الإيجابي و بالصلح و بالتفاهم عادت الأمور إلى مجاريها و تصالحوا، فعبر الصلح و إدخال طرف آخر للصلح و الحوار الإيجابي هذا قد يساعد في الحل حتى لا يقع الطلاق.


  ٧.التوسعة على العيال:


هذا مهم جداً، بحيث الزوج إذا صار كريماً على أولاده و زوجته، يكرمهم و يوفر لهم المتطلبات الأساسية، يكون كريماً بالمال و المتطلبات و كلمات الحب و العطف والحنان ، هذا يمتن من العلاقة الزوجية.

٨. المفاكهة و الملاطفة بين الزوجين:

يعني لا تكون العلاقة جامدة بين الزوجين، علاقة جدية أكثر من اللازم، علاقة رسمية هذا يخرب العلاقة، بينما إذا كانت العلاقة الزوجية فيها ملاطفة و مفاكهة و مزاح، الزوج يمزح مع زوجته و العكس، و ليس المزاح يؤخذ بحساسية بين الزوجين، أحياناً يكون أحدهما حساس جداً فيأخذ المزح و الملاطفة بحساسية فهذا يخرب الحياة الزوجية، بينما المفاكهة و الملاطفة بين الزوجين، هذه تقوي العلاقة الزوجية وتمتنها.

٩. التطوير و التجديد في الحياة الزوجية:

 لابد للزوجين دائماً من التجديد في طريقة الحياة الزوجية، مثلاً المرأة تجدد في طريقة الأكل و اللباس و الشكل، و في طريقة ترتيب البيت، حتى لا يصير روتين، و الروتين بطبيعته قاتل و ممل، التطوير في الحياة الزوجية هذا يساعد كثيراً على إنجاح الحياة الزوجية، و عدم الوصول -لا سمح الله- إلى مرحلة التنافر، ومن ثم الطلاق.

المحور الثالث: قواعد لما بعد الطلاق:

الأستاذ هيثم آل زواد: أحسنتم شيخنا، طيب، بعض الأحيان أو كثير من الأحيان بعد الطلاق يبدأ الجزء الثاني من المشاكل، ماهي الحلول أو القواعد حتى نبتعد عن هذه المشاكل -طبعاً نحن لا نشجع على الطلاق و لكن في حالة لو حصل الطلاق-؟  أقصد أهم القواعد المساعدة على تهدئة النفوس ما بعد الطلاق؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: أحسنتم هذا سؤال مهم، لأنه أحياناً يعد الطلاق تبدأ مشاكل جديدة، تصير مشكلة الأولاد، مشكلة الحضانة، مشكلة النفقة على العيال، بالإضافة المشاكل النفسية خصوصاً ما يرتبط بالمرأة، الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ يعني حتى لو أنت تريد تطلق لكن طلق بإحسان، غالباً بعد الطلاق تصير مشاكل، يعني ليس بإحسان، تصير مشاكل و ضرب وقد توصل الأمور في بعض الأوقات إلى قضية جنائية، المفروض يصير الطلاق بإحسان، فعندما يصل الزوجان إلى طريق مسدود، ما ممكن يستمرا في حياتهما مع بعض، فأمامهم باب الطلاق، فالطلاق في هذه الحالة رحمة و علاج، فالطلاق ليس  دائماً شيء غير جيد، الطلاق مكروه في الأصل، نعم، لكن أحياناً و لبعض الأسباب، الأفضل أن لا يستمرا في الزواج، الأفضل أن ينفصلا عن بعضهما البعض، لذلك قال الفقهاء: إن الطلاق إذا كان لسوء خلق في أحدهما أو لسبب فيه عذر شرعي، ترتفع كراهية الطلاق في هذه الحالة، فالمهم الطلاق في بعض الصور هو باب رحمة، هو علاج لمشكلة ، لأن هناك تنافراً بين الزوجين ، عدم قدرة على الاستمرار بينهما، فالحل هو الطلاق، نحن نجد الطلاق عند المسيحيين جداً صعب، حيث قد يستمر لسنوات حتى الواحد يستطيع أن يطلق!!   و المرأة لها نصف ثروة الرجل في حالة الطلاق، أمور معقدة عندهم، بينما نحن عندنا في الإسلام وضع الطلاق في حالة إذا وصلت الأمور إلى عدم القدرة على الاستمرار، وعزما على الانفصال والطلاق ﴿وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

 ننتقل الآن للخطوات والقواعد التي ينبغي اتباعها لما بعد الطلاق حتى أجيب على سؤالكم:

١. الإيمان بقضاء الله و قدره:

المرأة و الزوج يجب أن يؤمنا بقضاء الله و قدره، فالتعامل مع الطلاق في هذه الحالة على ضوء الإيمان بقضاء الله و قدره، وأن الأمور وصلت إلى الطلاق، هذا يجعل النفس مطمئنة و مرتاحة، و يجعل الإنسان يسلم أمره إلى الله سبحانه وتعالى، و ربما في الطلاق خير لهما، إذ يمكن  أن الزوجة لما تطلق تتزوج برجل ترتاح معه أكثر من الأول، وكذا العكس، فربما يتزوج الرجل امرأة  يرتاح معها  أكثر.

٢. الصبر و تحمل صعوبات الحياة:

 على الإنسان أن يتحلى بصفة الصبر، لماذا الله سبحانه وتعالى بشر الصابرين في قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ  لأن الصبر يخلق قدرة على ضبط الانفعالات النفسية و العصبية، تحمل صعوبات الحياة حتى يتجاوز الإنسان مرحلة الطلاق.

٣. الطلاق ليس نهاية الحياة:

وبالتالي يجب البدء بحياة جديدة، لأن الطلاق ليس نهاية الدنيا، خصوصاً الآن صار الأمر عادي، المرأة المطلقة تتزوج بسهولة، هناك عدة حالات تكون فيها المرأة تزوجت ثم انفصلت ثم تزوجت،  يعني ما عادت المطلقة كما كانت في السابق، حيث المرأة المطلقة يمكن تقعد طول حياتها من دون أن تتزوج ثانية، وينظر إليها بسلبية، بينما الآن المرأة تطلق، يمكن بعد أن تنتهي العدة تنخطب مرة ثانية بسرعة.

الأستاذ هيثم آل زواد: محجوزة!!

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: نظرة المجتمع صارت أكثر وعياً و تفهماً للمرأة المطلقة، و أيضاً الرجل المطلق، الرجل إذا طلق بسهولة يحصل على امرأة أخرى، ما عادت الامور كما كانت في الماضي، على الإنسان  المطلق أن ينظر بأمل و تفاؤل و ثقة في المستقبل حتى يتخلص من ضغوط الطلاق و آثاره.


٤. الانشغال بالدراسة أو الوظيفة: 

إن على المطلق أو المطلقة أن ينشغلا بأمور مفيدة ونافعة كالانشغال بالدراسة أو العمل، أو الانخراط في الأعمال التطوعية و الإنسانية، حتى الواحد في فترة ما بعد الطلاق قبل أن يقدم على الزواج مرة أخرى، أن ينشغل بدراسته اذا كان طالباً أو بالعمل أو ينخرط في العمل التطوعي، الحمد لله الآن في مجتمعنا هناك العديد من الأعمال التطوعية، جمعيات خيرية و لجان خيرية، و الإنسان عند انخراطه في العمل التطوعي يجعله يشعر بالسعادة، بحيث يفرغ جزءاً من طاقته حتى لا يشعر بالحالة السلبية الناتجة من الطلاق.

٥. ممارسة الرياضة للتمتع بالصحة الجيدة: 

إن المطلق أو المطلقة -الآن الحمد لله هناك صالات رياضية خاصة للنساء أيضاً -  المرأة تستطيع أن تمارس الرياضة و كذلك الرجل، لأن الرياضة – هذه دعاية للرياضيين- تعطي طاقة إيجابية للإنسان و تقلل من آثار الطلاق و الطاقة السلبية، ولذا ممارسة الرياضة بالقدر المعقول يساهم من تخفيف الآثار للطلاق.

٦.تجنب العزلة و العيش مع الأهل والأصدقاء:

على الإنسان بعد الطلاق ألا يكون منعزلاً حتى لا يصاب بالاكتئاب والصدمات النفسية، للأسف بعض المطلقات يمكن يمررن بهذه الحالة السلبية و الصدمات النفسية و تتعقد حياتها و تصاب بقلق و اكتئاب و مرض نفسي، ووسواس قهري و ما شابه ذلك، فالحل هو أن الإنسان يكون اجتماعياً و يعيش حياته الطبيعية مع الآخرين.

٧. فشل التجربة الأولى للزواج قد يؤدي إلى النجاح الباهر في التجربة الثانية:

 فلا تجعل مرارة الطلاق تشعرك بالقلق و الكآبة .. و قد أشرنا إليها..

الأستاذ هيثم آل زواد: بعض الأحيان يصير عزوف عن الزواج..!

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: فعلاً، هذا أنا أتصوره غلط وخطأ كبير، إذ نجد أن بعض النساء لما تطلق تقول: أنا ما أريد أتزوج مرة ثانية أبداً، تصبح لديها كراهية للرجال، أو الزوج كذلك، لكن هذا خطأ، لأن فشل التجربة الأولى لا يعني  فشل التجربة الثانية، بالعكس أحياناً، يتعلم من تجربته الأولى كيف ينجح في تجربته الثانية، وبما أنه مر في تجربة وعرف الأسباب و عرف المشكلة سيكون حريصاً على إنجاح تجربته الثانية، فالقول: ما اُريد أتزوج طول عمري، هذا خطأ، لأن الزواج سنة الحياة كما ورد عن النبي صلى الله عليه و آله: «النِّكاحُ‏ سُنَّتي‏، فَمَن رَغِبَ عَن سُنَّتي فَلَيسَ مِنّي».

٨. الترويح و الترفيه عن النفس بأشياء مفيدة و ممتعة:

 القلب يمل كما تمل الأبدان، الإنسان يحتاج أن يروح عن نفسه خصوصاً بعد مرحلة الطلاق، تحتاج المطلقة تطلع تتمشى، تزور صديقاتها، تسافر، كما  روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله:: سافِرُوا تَصِحُّوا  كما عندنا رواية عنه صلى الله عليه وآله: صوموا تَصِحّوا. عندنا رواية السفر، يعني من مصاديق الصحة هو السفر، لأنه ينعش الإنسان  روحياً و قلبياً، كذلك المرأة المطلقة بحاجة للترويح عنى النفس، الرجل الذي طلق كذلك يحتاج يروح عن نفسه خصوصاً في الأيام الأولى، لأنه عادة الأيام الأولى بعد الطلاق يكون الإنسان متوتراً، و مزاجه ليس بالصورة الطيبة أو الطبيعية، فيحتاج أن يروح عن نفسه حتى يطرد عن نفسه مرارة الطلاق.

الأستاذ هيثم آل زواد: أحسنتم شيخنا، ذكرتم أنه بعد الطلاق في العادة يكون هناك توتر عند كلا الطرفين سواء الزوجة المطلقة أو المطلق، أنا وصلني سؤال الآن يقول: بعض المطلقات يعملون حفلة فما رأيكم في هذا؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: أول شيء قضية حفلة هذا قليل، يعني موضوع نادر، والشيء الثاني هذا عندما تكون المرأة جداً متضايقة من زوجها، تريد تنفك منه، في مشكلة عويصة، في مشكلة قوية جداً، لكن نحن نتحدث عن الشيء الطبيعي و هو أن المرأة لما تطلق تشعر بالمرارة خصوصاً لما يكون الطلاق ليس منها، يعني ليس بطلبها، بسبب الزوج، أو الزوج يشعر بالمرارة خصوصاً إذا كان الطلاق ليس منه و إنما بطلب من الزوجة، هنا تكون في مرارة شديدة و في تضايق، أما واحدة تسوي حفلة لأنها تطلقت فهذه عادة حالة نادرة و النادر لا يقاس عليه.

الأستاذ هيثم آل زواد: أحسنتم شيخنا، سوف نبدأ بأسئلة الجمهور، عندي مع البحث وجدت أن في صحيفة الوطن ذكر: أنه كان هناك اجتماع مع محافظ القطيف مع مجموعة من القضاة و المستشارين، وأنه في هناك مقترح أنه في حال الإقدام على الزواج، يشترط حصول المقبلين على الزواج ذكور و اناث شهادات بحضور  دورة متخصصة في العلاقات الزوجية  و أيضاً في حالة الطلاق، لابد أنهم يأخذوا دورة حتى يحصل الطلاق، هل مرّ عليكم هذا الطرح ، هل سيكون هناك تأكيد، لأنه طرح أكثر من مرة؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: هو الآن مجرد اقتراح ما صار شيء عملي أو إلزامي، لكنه اقتراح جيد من باب أن الطرفين يكونا  على إطلاع جيد بالحياة الزوجية  و بالثقافة الزوجية، إذا صار إلزامياً يكون الواحد مضطر يحضر ويأخذ دورة في الثقافة الزوجية، لكن قبل ما يصير إلزامي نحن نحتاج مراكز متعددة، لما تقول نأخذ دورات لازم تصير مراكز لديها القدرة على استيعاب المقبلين على الزواج، الان المراكز قليلة جداً في المجتمع، أتصور أن الموجود في هذا الجانب لا يغطي الحاجة اذا صار الأمر إلزامياً.

الشيء الثاني: نحن نحتاج نسهل أمور الزواج، فكلما زادت الشروط و القيود قد تخلق بعض الإشكاليات من جوانب أخرى..  الدورة جيدة لكن الأفضل تبدأ اختيارياً، هو الإنسان يبدأ يروح يأخذ له دورات تثقيفية، يستطيع يقرأ و يتثقف في هذا الجانب، أتصور هذا مهم جداً، وأنا أشرت في الحوار، لكن اُريد اُؤكد على أهمية الشروط بين الزوجين في أثناء العقد، لأن كثيرا من المشاكل تحصل فيما بعد بسبب عدم المعرفة في هذا الجانب، الزوج ما يعرف أنه يستطيع أن يشترط، لأنه العادة عندنا المرأة هي التي تشترط فقط، حتى الزوج يحق له أن يشترط على زوجته بعض الشروط التي يراها، مثلاً كأن يشترط عليها أن تطبخ له لأن الطبخ عندنا ليس بواجب على المرأة، فإذا وافقت يصبح واجباً عليها من باب الشرط، من باب الوفاء بالشرط، الزوجة أيضاً يحق لها أن تشرط شروطاً كثيرة و حتى الزوج كذلك، الزوجة ماذا تشترط عادة؟ الشروط المعروفة مثلاً:  الشقة، ما يمنعها من العمل و لا الدراسة، هذه أغلب الشروط التي تمر علينا، الشرط الأهم الذي ذكرناه من قبل أنه في حالة الطلاق الخلعي ان لا يطالب الزوج بأكثر من المهر، إذ تستطيع أي بنت مقبلة على الزواج أن تشترط هذا الشرط، هذا متى تتبين أهميته، -لا سمح الله- إذا صارت خلافات و طلبت الزوجة الطلاق، و هذا يصير الآن كثير من الحالات ليس فقط الزوج من يريد يطلق، الزوجة هي التي تريد تتطلق طلاقاً خلعياً.


الأستاذ هيثم آل زواد: طيب لو ما اشترطت في ذلك، المبلغ مفتوح؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: عندنا مفتوح في المذهب الإمامي، في المقابل وضع للزوجة أنها تشترط، طبعاً هو مفتوح لكن بصورة لا ضرر و لا ضرار، بالشيء المعقول الطبيعي و ليس بالشيء الانتهازي، بحيث تكون فيه أذية أو ابتزاز للطرف الثاني، هو مفتوح و يستطيع يطلب مبلغ أكثر من المهر أو أكثر من التكاليف التي صرفها، فحتى لا تقع البنت في مشكلة من المهم أن تشترط هذا الشرط، أنه في حالة الطلاق الخلعي-لا سمح الله- أن لا  يطلب الزوج أي شيء، يعني كلمتين تدون في العقد حتى يصير ملزماً له، تستطيع الزوجة أيضاً أن تشترط  أن لا يتزوج عليها الزوج، هذا الشرط أيضاً ممكن، هناك شروط أخرى و المعرفة بالشروط مهمة جداً، أحيانا تروح للبنت تسألها: ما هي شروطك؟ تقول: ما عندي شروط!، لأنها هي أساساً لا تعرف أهمية الشروط في عقد الزواج، وأهلها أيضاً ما فهموها أو هم ليس لديهم اطلاع، والشروط تتبين أهميتها عند حدوث المشاكل والخلافات الزوجية، وعند الرغبة في الطلاق.

الأستاذ هيثم آل زواد: كالعادة نأخذ سؤال مسموع و سؤال مكتوب..

تفضل أبوأحمد: سلام الله عليكم و رحمته تعالى و بركاته، مساكم الله بالخير شيخنا، جزاكم الله خير على الذي قدمته، تسلسل متنوع، في ملاحظة و مداخلة؛ الملاحظة لما نحضر عقود الزواج على الأغلب الأعم يدعون لهم وعلى البركة، فرصة هنا في مجال للذين يكتبون بحكم علاقتكم اريد اقترح بعض المبادرات إلى الدعاء إلى المحبة و الألفة، في تركيز على هذا الجانب، أي نعم هو حالة طبيعية غريزية، المودة تأتي بطبيعة الحال إلا أن الملاحظ عملياً في غفلة عن الموضوع، لما تقول بالرفاه والبنين و انتهت، تعال يا فلان أنت كذا..أغلب الشباب الجدد هم عندهم ثقة بالنفس و عندهم قدرات جيدة إلا أنه في طبيعة التعامل مع الأنثى أو الأنثى مع الذكر (الرجل) عادة مستوى منخفض مقارنة بمجتمعات أخرى و أسباب ... لأننا لسنا مجتمع متخالط كما يغلب، ربما تشخيصي غلط   أو ما هو واقعي ، إلا أنه في ملاحظة و هذه فتح قنوات ما بينهما أي الزوجين...

أتمنى يعني على الذي تفضلت فيه الكثير  من الملاحظات و النقاط الجوهرية التي نحن لزماننا ما كنا ندري، كيف نحن نسلسلها و نسويها تكتيكات لجيلنا، حتى ننقلها لأبنائنا بشكل بسيط  مقننة عبر القصة ما أدري لأنني أريد أثقف بنتي، ابني، الآن عرضتم دسم شنو التكتيك بما يساهم بعمر الجيل؟ ما ترى أنه على الأب يساهم في إنجاح زواج ابنها حتى من قبل سن البلوغ من خلال تكتيكات... مجرد سؤال قد يكون حالم شيخنا..

الأستاذ هيثم آل زواد: يعني تثقيف الوالدين لأبنائهم؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: لا ليس سؤال حالم، تثقيف الأولاد فعلاً من مسؤولية الوالدين و الأب كلما كان فاهماً و مثقفاً، وعنده اطلاع جيد في الثقافة الزوجية، يمكن أيضاً يشرح ذلك لأولاده و بناته، طبعاً نحن عندنا مشكلة في الثقافة الزوجية، بعض الشغلات هي فيها حساسية مجتمعية و صعب الأب أو الأم تتحدث للأولاد أو البنات عنها، يمكن الأم تتحدث للبنت بعض الشغلات عادي، لكن الأب ما يمكن، يمنعه الحياء أو العكس للولد بعض الشغلات يتحدث الأب ما تتحدث الأم، فلا شك أن هذا الأمر يحتاج إلى محاضرات في هذا الجانب، نحتاج إلى كتابات، كتابات تراعي  سن الأطفال إذا توسعنا في الثقافة الجنسية وليس الزوجية فقط، لأن  هذا يكون الولد وصل إلى مرحلة الزواج، الآن نحن ما عندنا زواج مبكر إلا نادراً، و ان كان عندنا يجوز قبل البلوغ، شرعاً جائز،  لكن الآن نظاماً لا يجرى عقد الزواج للقاصر إلا بموافقة مسبقة، و مجتمعيا الآن  أيضاً ما يتقبل مثل هذا الزواج، يمكن في السابق كانوا يسوونه على أساس إنشاء المحرمية، على أساس يكون محرماً حتى يسافر معا للحج فيسوون عقد زواج من هذا الباب لإيجاد المحرمية بينهما، بينما الآن ما يصير، فالثقافة الجنسية و تثقيف الأولاد بها شيئاً فشيئاً مع مراعاة السن والعمر، لأن الأولاد الآن ممكن يدخلك من خلال الجوال و الانترنت ويشاهد كل شيء، فكل شيء موجود على المواقع، فهذا  طبعاً موضوع كبير و يحتاج إلى جهود كبيرة  و يحتاج إلى  تثقيف، توجد بعض الكتابات  الموجودة في هذا الجانب، لكن الأهم من الكتابات لو تتحول إلى أفلام لأنها تجذب أكثر الجيل الجديد، لأنه كم واحد يقرأ؟!  تحويلها بطريقة فنية و مسلسلات كرتونية و الآن الحمد لله الذي عندنا من خلال بعض المبادرات جيدة، لكن الطريق طويل...

الأستاذ هيثم آل زواد: في سؤال وصل أنه لربما يكون ازدياد حالات الطلاق، عدم كفاءة المصلحين من بعض رجال الدين و الاستشاريين؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: هو ليس عدم كفاءة و إنما يمكننا القول الذهاب للعنوان الخطأ، مثلاً أنت في مشكلة زوجية تروح للناس الذين يريد يطلق مقابل مبلغ، هذا أصلاً ما يهتم بالإصلاح...

الأستاذ هيثم آل زواد: يهتم بالمبلغ؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: خلينا نحسن الظن ونقول يهتم بما وكل به.. يعني هما أتوه ليوكلوه في إجراء الطلاق!! لكن لو راحوا للذين  هدفهم الإصلاح فعلاً، الآن في لجان إصلاح تابعة للجمعيات الخيرية، في رجال طلبة علوم دينية أيضاً يهتمون بهذا الجانب، أهم شيء هو  الواحد يروح للعنوان الصحيح، يعني تروح للناس الذين هم يمكن يساعدونك في الإصلاح، إذا هم راحوا على طول يطلقوا ، راح تأخذ الأمور مجراها الرسمي ويصير طلاق، قبل الطلاق نحن في المذهب الإمامي عندنا شروط شوية صعبة، أصعب من المذاهب الإسلامية الأخرى التي يقع الطلاق حتى لو كان الزوج في حالة غضب وتلفظ بالطلاق فإنه يقع، بينما عندنا لا يقع الطلاق، هناك شروط معينة حتى يقع الطلاق، و لذلك تأتينا بعض الحالات أن الزوج حلف لزوجته بالبيت أنه طلقها و قال لها: أنت طالق، عندنا لا يقع الطلاق بهذا، لأنه لابد من شاهدين عادلين و هو غير موجود، و لازم تكون المرأة في طهر لم يواقعها فيه، وغيرها من الشروط.

الأستاذ هيثم آل زواد: هل هناك تأثيرات لثقافة المسلسلات في الثقافة الزوجية؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: لاشك أن في تأثير، لأنه أحياناً من ضمن التأثير، مثلاً اذا الزوج يقارن زوجته بتلك التي تطلع بالأفلام، الافلام هذه تروح تأخذ لها عمليات تجميل ولباس خاص ومثير، و عندهم خبراء متخصصين في هذا الجانب، و يختاروا أجمل الجميلات حتى تجذب الجمهور، أو العكس الزوجة تقارن زوجها بالممثل الفلاني، هذا يسبب مشاكل، نحن عندنا في النصوص الدينية النظر الى الدين و الأخلاق، ومنها: ما قاله الإمامُ الحسنُ عليه السلام ‏- لرجل جاءَ إلَيهِ يَستَشِيرُهُ في تَزويجِ ابنَتِهِ-: «زَوِّجْها مِن رَجُلٍ تَقِيٍّ، فإنّهُ إن أحَبَّها أكرَمَها وإن أبغَضَها لَم يَظلِمْها» ، هذا الفرق بين إنسان متدين و غيره، حتى لو كره زوجته لكنه ما يظلمها يخاف الله سبحانه و تعالى، وإذا أحبها أكرمها، بينما الإنسان غير المتدين إذا أحبها يهتم فيها، لكن إذا كرهها يظلمها و يؤذيها، و الأذية هذه من أسباب الطلاق، يمكن ما أشرنا إليها بصورة تفصيلية العنف الذي يعبر عنه الآن بالعنف الأسري، يعني الضرب، الشتم، الإهانة سواء العنف النفسي أو العنف الجسدي أو العنف الجنسي هذه تؤدي إلى الطلاق، لأنه أحياناً واحدة تقول ما أقدر أعيش مع رجل هكذا يضربني أو العكس، قبل فترة جاءتني مشكلة الزوجة هي التي تضرب زوجها، الحين ليس الزوج فقط هو الذي يضرب زوجته، سابقاً فقط الزوج، الرجل هو الذي عادة يضرب زوجته، حتى بعض الزوجات ممكن يمددن أيديهن على الزوج، الحياة الزوجية تكون صعبة جداً في مثل هذه الحالة، لأنه عادة الرجل يحب يكون هو المسيطر، و يشعر بالاحترام أكثر، و إن كان المفروض يكون الاحترام متبادلاً بين الزوجين، لكن الزوج يريد يكون دائماً هو صاحب الإدارة و صاحب السلطة في الحياة الزوجية.

الأستاذ هيثم آل زواد: أحسنتم شيخنا، آخر سؤال: أغرب حالة طلاق مرت عليكم؟

الشيخ الدكتور عبد الله اليوسف: طبعاً أنا ما أطلق، نجري عقود زواج فقط، لكن تمر علينا مشاكل، من أجل الإصلاح، مرة جاء أحد الأشخاص يريد يطلق زوجته، فأنا سألته: لماذا تريد تطلق زوجتك؟ فقال: زوجتي ما تتكلم معي، ما تسولف، أطلع معها مشوار كله ساكتة، اطلع أتمشى معها ما تتكلم، ما تأخذ و تعطي، آخذها مطعم أريدها تتكلم ما تتكلم، يعني قليلة الكلام إلى حد شعور زوجها بعدم اهتمامها به، و هذه يمكن تكون من أغرب الحالات التي مرت علينا، طبعاً في حالات أخرى لكن يمكن صعب الواحد يتحدث عنها.

الأستاذ هيثم آل زواد: أحسنتم شيخنا، و في الختام لا يسعني إلا أشكر ضيفنا سماحة الشيخ الدكتور عبد الله أحمد اليوسف و أشكركم جميعاً على أن نلتقي في برامج أخرى ان شاء الله، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

 

اضف هذا الموضوع الى: