مؤكداً على أن من أرقى درجات صلة الأرحام صلة القاطع
الشيخ اليوسف: صلوا أرحامكم وإن قطعوكم وأحسنوا إليهم وإن أساؤوا إليكم
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة

 

قال سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 20 رجب 1442هـ الموافق 5 مارس 2021م إن صلة الرحم تأتي في مقدمة الأعمال الصالحة التي ورد الحث عليها في النصوص الدينية مستفيضاً، وأن التواصل بين الأرحام لها آثار إيجابية ومنافع عديدة على الأرحام والأقارب أنفسهم.

وأوضح أن صلة الرحم تتحقق بكثرة زيارتهم وصلاتهم، وتفقد أحوالهم، وعيادة مرضاهم، والتعطف عليهم، والرفق بهم، وتقديم الدعم لهم عند الحاجة، والوقوف معهم عند الشدائد والمكاره، والصفح عن أخطائهم وعثراتهم وهفواتهم، ومشاركتهم في أفراحهم ومواساتهم في أتراحهم، وفعل كل ما يستطيع لهم من الخيرات والمبرات.

وبيّن أن أقل مراتب صلة الرحم: السلام، لما روي عن رسول الله : «صِلُوا أرحامَكُم ولو بِالسَّلامِ»، أو بشربة ماء كما روي عن الإمام الصّادق : «صِلْ رَحِمَكَ ولو بِشَربَةٍ مِن ماءٍ » . في إشارة إلى أهمية التواصل بين الأرحام ولو بإلقاء السلام والتحية، أو تقديم شربة من ماء أو أي هدية بسيطة للدلالة على الصلة والاتصال بهم.

وأكد على أن الأرحام أولى في الميراث والصلة والعطاء والنفقة والإحسان من غيرهم، لقوله تعالى: ﴿وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ.

وعن آثار ومنافع صلة الأرحام قال: إنها تطيل العمر، وتزيد في الرزق، وتزكي الأعمال، وتطيّب النفس، لما روي عن رسول الله : «صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ في العُمُرِ، وتَنفِي الفَقرَ»، وعنه قال: «صِلَةُ الرَّحِمِ تَعمُرُ الدِّيارَ، وتَزيدُ في الأعمارِ وإن كان أهلُها غيرَ أخيارٍ».

وأضاف: من فوائد صلة الأرحام أيضاً تثبيت التآلف بين الأرحام والأقارب، وتقوية العلاقة بالأهل، وزيادة المحبة، واجتماع الشمل، وأداء الحقوق، وقد روي عن رسول الله : «صِلَةُ القَرابَةِ مَثراةٌ فِي المالِ، مَحَبَّةٌ فِي الأَهلِ، مَنسَأَةٌ فِي الأَجَلِ».

وتابع: إن الأسرة المترابطة والمتراحمة تقوى لديها الاعتزاز بنفسها أمام الآخرين، وتملك القدرة على مجابهة مشاكل الحياة وصعوباتها؛ بخلاف الأسرة التي تعاني من القطيعة والتفكك حيث تشعر بالهوان والضعف أمام أبسط الأمور.

صلوا من قطعكم

وقال الشيخ اليوسف: إن من أرقى درجات صلة الأرحام صلة القاطع، لأن ذلك يحتاج إلى أخلاق عظيمة، ونفس طيبة، وتسامح كبير؛ فليس من السهل على الإنسان أن يصل من قطعه، ولكن أصحاب النفوس الكبيرة والقلوب النظيفة يبادرون إلى صلة أرحامهم وإن قطعوهم، ويحسنون إليهم وإن أساؤوا إليهم.

واستدل على ذلك بما روي عن رسول اللَّهِ : «صِلْ مَن قَطَعَكَ، وأحسِنْ إلى مَن أساءَ إلَيكَ»، وعنه قال: «لا تَقطَعْ رَحِمَكَ وإن قَطَعَتكَ».

وقال: إن للصلة وحسن الخلق أثراً كبيراً في تأليف القلوب، وتليين النفوس، واجتلاب المحبة، وإثبات المودة، وتقريب الأرحام لبعضهم البعض، وتذويب ما قد يكون حدث بينهم من جفاء وبغضاء.

إياكم وقطيعة الرحم

 وحذر الشيخ اليوسف من قطيعة الرحم، قائلاً: إنه في مقابل التركيز الشديد على أهمية صلة الرحم وفوائده في الدنيا والآخرة تنهى النصوص الدينية أشد النهي عن القطيعة والهجران والتباعد بين الأرحام والأقارب لما لها من آثار سيئة وسلبية عديدة.

وتابع: تتحقق قطيعة الرحم بكل ما يؤذي الرحم قولاً، كالتلفظ عليه بالألفاظ النابية والبذيئة وغير اللائقة، أو فعلاً كقطع التزاور والتواصل، وإظهار مشاعر الكره والبغض والتنافر فيما بينهم.

وبيّن ما لقطيعة الرحم من آثار سيئة وسلبية كثيرة، ومنها: معاجلة الفناء، وقصف الأعمار، ومحق الديار، وسلب التوفيق والبركة، فقد ورد عن رسول الله : «ما مِن ذَنبٍ أجدَرَ أن يُعَجِّلَ اللَّهُ تعالى‏ لِصاحِبِهِ العُقوبَةَ في الدنيا مَع ما يَدَّخِرُ لَهُ في الآخِرَةِ مِن قَطيعَةِ الرَّحِمِ والخِيانَةِ والكَذِبِ».

وعن حُذيفة بنِ المنصور: قالَ أبو عبدِاللَّهِ : «اتَّقُوا الحالِقَةَ، فإنّها تُمِيتُ الرِّجالَ»، قلتُ: وما الحالقةُ؟ قالَ: «قَطيعَةُ الرَّحِمِ».

وأضاف: إن من آثار قطيعة الرحم أيضاً: الشعور بالهوان والمذلة والضعف والصّغار، كما أن القاطع لرحمه يعاني من الهم والغم والشقاء لانشغال القلب بالخصومات والعداوات مع أرحامه وأقربائه، وهم أقرب الناس إليه.

وأبدى أسفه الشديد من قطيعة بعض الأرحام لبعضهم البعض لأسباب تافهة، والتي قد تستمر لسنوات طويلة بسبب سوء فهم، أو خلاف بين الزوجات، أو شجار بين الأطفال، أو خلاف على أمور بسيطة، وقد يصل الأمر في القطيعة إلى طلب عدم حضور القريب في حالات الفرح كالزواج أو الترح وعدم حضور جنازته حتى لو مات!

 ودعا في نهاية خطبته إلى التحلي بصلة الأرحام، وصفة التسامح بين الأقارب والأرحام،  وغض الطرف عن أخطائهم وزلاتهم وهفواتهم، وتغليب حسن الظن، وقبول العذر، والمبادرة إلى الصلة والتواصل.

اضف هذا الموضوع الى: