مؤكداً على أن تقديم الكبير في الصفوف الطويلة من صور التوقير والآداب
الشيخ اليوسف: توقير الكبير سناً أو شأناً يعزز من ثقافة الاحترام والإكرام بين الناس
سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف أثناء إلقاء الخطبة (صورة أرشيفية)
سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف أثناء إلقاء الخطبة (صورة أرشيفية)

قال سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 6 ربيع الآخر 1440هـ الموافق 14 ديسمبر 2018م أن توقير الكبير وتبجيله من الأخلاق الإسلامية الجميلة، ومن القيم الإنسانية النبيلة التي تنمي منظومة القيم والأخلاق والآداب في حياة المجتمعات البشرية، وتعزز من ثقافة الاحترام والإكرام بين الناس.

وأضاف: إن لكبير السن أو الشأن منزلة ومكانة متميزة في المجتمع المسلم، وينبغي التعامل معه بكل أدب وتوقير واحترام وإجلال.

وقال: كثيرة هي الروايات والأحاديث الواردة عن رسول الله وأئمة أهل البيت التي تحث على توقير الكبير وتعظيمه وإجلاله، فقد روي عنه أنه قال: «مَنْ‏ وَقَّرَ ذَا شَيْبَةٍ فِي الْإِسْلَامِ‏ ، آمَنَهُ اللَّهُ- عَزَّ وَ جَلَّ- مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وقوله : « مَن لَم يَرحَم صَغيرَنا ولَم يُعَزِّز كَبيرَنا فَلَيسَ مِنّا»، وقوله : «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ولم يوقر كبيرنا»، وقال لأنس: «يا أنَسُ، ارحَمِ الصَّغيرَ، وَوَقِّرِ الكَبيرَ تَكُن مِن رُفَقائي».

وقال الإمامُ عليٌّ : «ارحَمْ مِن أهلِكَ الصَّغيرَ ووَقِّرْ مِنهُمُ الكَبيرَ»، وقال الإمام الصادق : «ليسَ مِنّا مَن لَم يُوَقِّرْ كبيرَنا ويَرحَمْ صَغِيرَنا».

وعن معنى توقير الكبير قال: إن معناه الاحترام والإجلال لمن هو أكبر سنّاً أو شأناً، إذ لا يقتصر توقير الكبير على كبير السنّ فقط، وإنما يشمل أيضاً كبير الشأن والمنزلة والمكانة حتى لو كان شاباً، سواء أكانت تلك المنزلة والمكانة دينيّة أو علميّة أو شرفية.

وأوضح سماحة الشيخ اليوسف الأصناف الذين يجب توقيرهم بقوله: ورد في الهدي النبوي عدة توجيهات وإرشادات لمستحقي التوقير والتكريم والتعظيم، ومنهم: الشيخ الكبير؛ حيث حثّ الإسلام على توقير وإجلال ذي الشيبة الكبير، فقد قال رسول الله : «مِن إجلالِ اللَّهِ إجلالُ ذي الشَّيبَةِ المُسلمِ»، وقوله : «إنَّ مِن إجلالِي تَوقِيرَ الشَّيخِ مِن أُمَّتي».

وشدّد على أن احترام الكبير وتوقيره وتعظيمه من الآداب والأخلاق التي أكّد عليها نبي الإسلام في العديد من إرشاداته وتوجيهاته وهديه النبوي، وكذلك في سيرته العملية في رعاية كبار السن وتوقيرهم.

وأضاف: وممن ينبغي توقيرهم من الناس هم العلماء الربانيون؛ وذلك لشرف العلم الديني ومكانته، فقد قال أمير المؤمنين : «مَن وَقَّرَ عالِماً فقَد وَقَّرَ رَبَّهُ»، وعنه قال: «إذا رَأيتَ عالِماً فَكُن لَهُ خادِماً»، وفي المقابل نهى عن الاستخفاف والازدراء بالعالم أو تحقيره أو الانتقاص منه.

وتابع: وممن ينبغي إكرامهم وتوقيرهم: الشرفاء والكرام من الناس؛ فالشريف في قومه، والعزيز في مجتمعه ينبغي تكريمه وتوقيره وتعظيمه، فقد روي عن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قوله: «إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ».

وختم هذا المحور من خطبة الجمعة بأن من الأصناف التي ينبغي الحرص على توقيرهم وإجلالهم واحترامهم: الوالدان، وأن ذلك من أهم مصاديق البر بهما، والإحسان إليهما.

وأشار إلى أن من صور توقير الوالد وإجلاله: أن لا يسميه باسمه، ولا يمشي بين يديه، ولا يجلس قبله، وقد أجاب رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله لَمّا سُئلَ عَن حَقِّ الوالِدِ على‏ وَلدِهِ؟

قال صلى الله عليه وآله: «لا يُسَمِّيهِ باسمِهِ، ولا يَمشي بَينَ يَدَيهِ، ولا يَجلِسُ قَبلَهُ، ولا يَستَسِبُّ لَهُ».

وشدد على أن أخلاقنا الإسلامية وعاداتنا وأعرافنا الاجتماعية وفطرتنا الإنسانية تدعونا إلى احترام آبائنا وأمهاتنا، وتقديم كل دعم وعون ومساعدة لهم، والوقوف معهم، فلهم الفضل الكبير علينا؛ فلنؤدِ لهم حقوقهم، ولنحسن إليهم، ولنعطف عليهم، ولنظهر الاحترام والحب والإجلال لهم.

ثم تطرق سماحة الشيخ عبدالله اليوسف إلى المحور الأخير في خطبة الجمعة حيث تناول فيه الآداب والأخلاق الإسلامية في توقير الكبير وإجلاله استناداً إلى الروايات الشريفة.

وقال: أولى الإسلام توقير الكبير عناية خاصة، وأرشد إلى التعامل مع الكبير بمزيد من الاحترام والتقدير والتبجيل، ومن هذه الآداب والقواعد قاعدة: تقديم الكبير سناً أو شأناً في كثير من الأمور؛ كتقديمه في الصفوف الأولى في صلاة الجماعة، وتقديمه في التحدث في المجالس، وتقديمه في الجلوس والمشي، وتقديمه في الصف، وتقديمه في البدء في الطعام وغيرها من الأمور الأخرى.

وأوضح: أن من صور التوقير تقديم الكبير في حالة الصفوف الطويلة التي نراها في المناسبات الاجتماعية سواء في مجالس التعزية أو التهنئة؛ إذ ينبغي من أهل المجلس أو القائمين على المناسبة أو عموم المجتمع تقديم الكبير سناً احتراماً لشيبته، أو الكبير شأناً لمنزلة دين أو علم أو شرف إجلالاً لمنزلته الخاصة؛ وهذا ما تدعو إليه تعاليم الإسلام الأخلاقية وإرشاداته في توقير الكبير.

فقد روي عن أنس قال: قال ( صلى الله عليه وآله ): «بجلوا المشايخ، فإن تبجيل المشايخ من إجلال الله عز وجل، ومن لم يبجلهم فليس منا» والمقصود بالمشايخ هنا كبار السن.

وروي عن الإمام السجاد قال: «وحق الكبير توقيره لسنه، وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق ولا تتقدمه، ولا تستجهله».

وأضاف الشيخ اليوسف: من مصاديق التبجيل والتوقير والإجلال للكبير تقديمه في الأمور كلها إلا ما خرج من ذلك بالدليل والضرورة.

وأوضح: إن من الآداب الإسلامية في توقير الكبير واحترامه أيضاً: القيام له إذا دخل المجلس، وإقعاده محله إن لم يكن له موضع يجلس فيه، واختيار المكان الأنسب للجلوس له؛ فالقيام للكبير والترحيب به وإقعاده في المكان المناسب له من الآداب التي ينبغي مراعاتها في توقير وتعظيم الكبير شأناً أو سناً.

وفي ختام الخطبة أكد سماحته على أن من الأمور المهمة: تربية الصغير على احترام الكبير وتوقيره، وتحذيره من الاستخفاف بمن هو أكبر منه سناً أو شأناً.

ولفت إلى أن من صور الاستخفاف بالكبير: الاستهزاء والسخرية منه، انتقاص شأنه ومكانته، عدم الحياء في التعامل معه، إساءة الأدب في حضرته، رفع الصوت في الحديث معه، وغيرها من صور الاستخفاف والاستهانة والانتقاص منه؛ وهو أمر منهي عنه أشد النهي.

اضف هذا الموضوع الى: