القديح: الشيخ اليوسف يحاضر عن أوليات الكتابة

استضافت جماعة الهدى للتعليم بالقديح مساء الاثنين ليلة الثلاثاء10/9/1427هـ الموافق 3/10/2006م سماحة الشيخ عبد الله اليوسف في محاضرة بعنوان: ((كيف تكون كاتبًا ناجحًا؟)) وذلك ضمن الدورة التي تقيمها بهذا العنوان خلال هذا الشهر الكريم.
بعض فقرات المحاضرة:
وقد بدأ سماحة الشيخ اليوسف محاضرته بتلاوة الآية الكريمة: ﴿ن * وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَحيث أشار إلى أن الله ـ عزّ وجلَّ ـ يقسم في هذه الآية الشريفة بالقلم وبما يسطّره القلم، أي بما يكتبونه، والقسم ـ من قِبَل الله سبحانه ـ بأمر دليل على عظمته وجلالة شأنه.
أهمية الكتابة
ويمكن للإنسان المتأمّل أن يرى ويلاحظ عظمة وأهمية أمر الكتابة من خلال ملاحظة النقاط التالية:
1. أن الكتابة هي الوسيلة لنقل العلوم والمعارف، فبدون تدوين العلوم وتسجيلها في الكتب لا تنتقل من عصر لعصر ومن حضارة إلى حضارة أخرى.
2. كما أن الكتابة سبيل للتراكم العلمي والمعرفي والثقافي، فالحضارة الماثلة أمامنا اليوم هي نتاج لما دوّنه السابقون، وتراكم كبير في جميع مجالات المعرفة والعلم. وبدون هذا التراكم لم يكن بإمكان الإنسان الغربي اليوم أن يبني هذه الحضارة التي نشاهدها ماثلة أمامنا.
3. أن الكتابة دليل على تحضّر الأمم والشعوب، فالأمة المنتجة فكريًّا ومعلوماتيًّا هي صاحبة المركز المتقدّم بين أمم العالم اليوم، ولذلك تعتبر الدول العربية من الدول المتخلّفة نسبيًّا وذلك بسبب قلّة ما تساهم به في مجال العلم والمعرفة العالميين في عصرنا الحاضر.
4. أن الكتابة تساهم في حفظ التاريخ الإنساني والحضاري، فالأحداث التاريخية التي حدثت قبل آلاف ومئات السنين لولا الكتابة ما وصلت إلينا. والتاريخ هو تجربة الإنسان على الأرض، ومن الضروري أن يستفيد إنسان كل عصر من تجارب السابقين ويتعلّم من الأمم السابقة والحضارات الأخرى.


كيف تكون كاتباً ناجحاً؟


بعد ذلك انتقل سماحة الشيخ عبد الله اليوسف إلى موضوع المحاضرة، وهي الأمور التي تساعد الإنسان على أن يكون كاتباً ناجحاً ومبدعاً في مجال الكتابة، فتطرّق إلى بعض النقاط، نذكر منها التالي:
1. الرغبة في الكتابة: فالكاتب ـ كي يبدع في الكتابة ـ لابدّ أن تكون لديه الرغبة الجامحة في الكتابة والبحث والتأليف، فهو لن يكون كاتبًا بالممارسة فقط ما لم يصاحب ذلك رغبة جادّة في الكتابة.
2. الصبر: الكتابة بطبيعتها تحتاج إلى صبر وتحمّل، خصوصًا التأليف والبحوث والدراسات الجادّة، فهي تحتاج إلى صبر وتأنٍّ من الكاتب حتى تخرج هذه المؤلفات والدراسات بشكل صحيح ومتقن.
3. الإلمام بعلوم اللغة العربية: إذ يحتاج الكاتب إلى الإلمام بالقواعد الأساسية في النحو والصرف والإملاء والبلاغة وبعض شؤون الأدب العربي. لأنَّ الإخلال بقواعد النحو ـ مثلاً ـ أو الإملاء أثناء الكتابة معيب في حق الكاتب، كما أن القارئ يشعر بعدم الراحة عندما يقرأ فيجد بين جملة وأخرى خطأ نحويًّا أو إملائيًّا ويستهجن من الكاتب هذه الأخطاء.
4. جودة الأسلوب: فالاهتمام بالأسلوب أمر ضروري لأي كاتب، خصوصًا إذا أراد هذا الكاتب أن يكون ناجحًا، فمن أهم عناصر النجاح اختيار اللغة والأسلوب المناسبين اللَّذَين يحملان شيئًا من التجديد في الفكرة واختيار الكلمات الجيدة والمشوّقة.
5. النهم في القراءة: أي كاتب ـ وخصوصًا ذلك الذي يبحث عن الجودة والإبداع في الكتابة ـ لا يمكن أن يكتب من فراغ، ودون أدنى خلفية ثقافية وعلمية يملكها، لأن من يقدم على الكتابة وهو لا يملك المحصّلة الثقافية الجيدة غالبًا ما تكون كتابته سطحية ولا تحمل جديدًا. لذلك يحتاج الكاتب ـ كي يكون مبدعًا ـ إلى نهمٍ في القراءة، فذلك يصقل موهبته ويزوّده بالكثير من المعلومات وتجدّد الأفكار في الكتابة لديه.
وقد قرأ العلامة الأميني عشرة آلاف كتاب كي يتمكن من تألف كتابه القم موسوعة الغدير، كما تفرغ للبحث والتأليف، ومن أجل إنجاز هذه المهمة الصعبة ترك درسه وبحثه للتفرغ التام للكتابة. كما كان يقرأ ويكتب في اليوم الواحد أكثر من 16 ساعة.
وذكر الشيخ محمد جواد مغنية في تجاربه أنه كان يعمل يومياً ما بين 14-18 ساعة، ولذلك أنتج الكثير من المؤلفات القيمة.
فلكي تكون كاتباً جيداً عليك أن تكون قارئاً نهماً.
6. الاستفادة من تجارب الآخرين: لأن تجارب الكتّاب السابقين ـ عادة ـ ما تكون غنية بالتجارب المفيدة التي تساعد الإنسان ـ خصوصًا المبتدئ ـ في صقل موهبته وتشجيعه، خصوصًا وأن مجتمعاتنا لا يجد فيها المبتدئ من يدفعه ويشجّعه للمضي في مشواره والإبداع فيه، وهذا شأن معظم الكتاب. فإذا تعرّف الإنسان على تجارب الماضين وكيف تغلّبوا على المعوّقات التي واجهتهم قد يدفعه ذلك إلى التحمّل والمضي قدمًا.
7. ممارسة الكتابة: كي يبدأ الكاتب مشواره في الكتابة لابدّ وأن يخوض غمار الكتابة والنشر، لأن الكتابة لا تصل مرحلة الإبداع والجودة دون المرور بمرحلة التجربة والتمرين.
ونحن اليوم نعيش عصر الإنترنت الذي يستطيع الإنسان فيه أن يكتب ويجد الموقع الذي ينشر فيه ما يكتب دون أي رقابة أو أذونات، ويصل إلى القراء بأسرع وأسهل الطرق.
لذلك من يجد في نفسه الرغبة في خوض تجربة الكتابة بإمكانه أن يبدأ وينشر على صفحات الإنترنت، ويستفيد من نقد الآخرين وتعليقاتهم. وبعد ذلك يبدأ مرحلة الكتابة المطبوعة للقراء.


13/9/1427
اضف هذا الموضوع الى:
ماجستير في اللغة العربية- القديح