حتى تكون شريكاً في العمل التطوعي
الشيخ عبدالله اليوسف - 5 / 12 / 2020م - 9:19 ص

نجاح أي عمل من الأعمال الخيرية والتطوعية يستلزم توافر إرادة النجاح عند القائمين عليه، كما يتطلب المشاركة التطوعية الفاعلة لأبناء المجتمع في إنماء العمل الخيري؛ ذلك لأن الأعمال التطوعية والخيرية لا يمكن أن تنجح بدون تفاعل المجتمع معها، والمشاركة فيها، وتشجيع القائمين عليها.

والمشاركة في العمل التطوعي له أبعاد متنوعة ومجالات واسعة ولكنها تصب جميعاً في إنمــاء مؤسسات الخدمة الاجتماعية والإنسانية من جمعيات خيرية، ونوادٍ رياضية، ولـجان كافل اليتيم، وصناديق الزواج الخيرية، ومهرجانات الزواج الجماعي، والإسكان الخيري، والأســـواق   الخيرية ...  وغير ذلك من مؤسسات ومشاريع خيرية وتطوعية تعمل كلها لصالح إنماء العمل التطوعي في المجتمع.

أنواع المشاركة

يمكن تحديد أهم أنواع المشاركة في العمل التطوعي والخيري في الأبعاد الآتية:

1) المشاركة المعنوية:

  ونعني بها دعم المشاريع الخيرية والتطوعية معنوياً، وذلك من خلال الوقوف المعنوي مع المشروع الخيري سواء كان بالتشجيع، أو الدفاع عن المشروع الخيري، أو التعريف به في المحافل العامة … إلى غير ذلك من صور المشاركة المعنوية.

2)المشاركة المادية:

 ونعني بها دعم المشاريع التطوعية والمؤسسات الخيرية كالجمعيات الخيرية بالمال، ومما لا شك فيه أن المال يمثل أحد مقومات نجاح الأعمال الخيرية، وقد رغبّ القرآن الكريم بالإنفاق في سبيل الله، وبشر المنفقين بمضاعفة الأجر والثواب في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ([1].

وهذا يدل على أهمية الإنفاق والبذل بالمال في تقدم المجتمع ورقيه، إذ له أكبر الأثر في النهضة والإحياء والتقدم والازدهار في مختلف جوانب الحياة.

3)المشاركة العضوية:

ونعني بها أن يكون الشخص عضواً فعّالاً وفاعلاً في الأعمـال التطوعية والخيرية، وذلك عبر انتسابه لإحدى مؤسسات الخدمة الاجتماعية ومبادرات العمل التطوعي، وهذا يتطلب بـذل الجهد، والتضحية بالوقت، وممارسة التفكير الجاد، وشحذ الهمة ... من أجل خدمـة المجتمع، وتقوية العمل الخيري، وإنماء الممارسة التطوعية بما يخدم الشأن الاجتماعي العام.

هذه هي أهم ألوان المشاركة في الأعمال التطوعية والخيرية، وكلها مهمة وضرورية لنجاح أي عمل خيري أو مشروع تطوعي.

والمطلوب من كل فرد من أفراد المجتمع أن يكون مشاركاً بأي لون من ألوان المشاركة التطوعية كي تنمو الأعمال الخيرية، بما يعزز من قيم التكافل والتراحم الاجتماعي، ويقوي من مسيرة المؤسسات الخيرية، وينمي الوعي بالعمل التطوعي؛ ففي ذلك من الفوائد التي تعود بالنفع على الأفراد المتطوعين كما على المجتمع والأمة ما لا يخفى على كل عاقل.

كن إنساناً إيجابياً

ثمة ملاحظة جديرة بالاهتمام وهي: إن بعض المؤسسات الخيرية في المجتمع تواجه ألواناً من المواقف السلبية من قبيل: عدم المشاركة بأي لون من ألوان المشاركة التطوعية، والنقد السلبي لأي عمل خيري، والهروب من المشاركة في العمل التطوعي. وأسوأ المواقف السلبية هو: بث الشائعات والشكوك ضد أي عمل خيري والقائمين عليه، وخلق جو سلبي، وزرع الإحباط واليأس في المحيط الاجتماعي، وممارسة الهدم ضد أي عمل تطوعي بدلاً من المشاركة في البناء.

ومما لا شك فيه أن مثل هذه التصرفات الخاطئة تساهم في تأخير مسيرة الأعمال الخيرية، وعرقلة نموها وتقدمها، وعزوف الكثير من الشباب عن الالتحاق بقطار الأعمال التطوعية والخيرية. والنتيجة ستكون خسارة المجتمع لما يمكن أن تقدمه مؤسسات الخدمة الاجتماعية من فوائد لصالح المجتمع، وتلبية الحاجات المجتمعية.

ولكي تتقدم المسيرة التطوعية لمؤسسات الخدمة الاجتماعية ينبغي أن يشارك كل فرد بما يستطيع من ألوان المشاركة في العمل التطوعي، وخصوصاً دعم الجمعيات الخيرية الموجودة في كل مدينة وقرية، إذ تُعنى هذه الجمعيات بالفقراء والأيتام والمحتاجين وغيرهم، بما يرفع من مستوى أدائها، ومضاعفة قدرتها على العطاء والإنتاج والفاعلية، ويرتقي بها إلى مستوى متقدم من العمل والإنجاز المتميز.

ويجب أن يكون العمل التطوعي نابعاً من مستوى الوعي المجتمعي بأهمية هذا العمل وضرورته، ومن الفطرة الإنسانية التي تدفع بالإنسان كإنسان إلى خدمة أخيه الإنسان وخدمة مجتمعه وأمته.

والتعاليم الدينية التي تحث على العطاء والإنفاق والبذل كثيرة جداً، فالأعمال الخيرية من أفضل الأعمال التي تقرب الإنسان إلى الله عز وجل، كما توجب له الأجر والثواب الجزيل، فقد روي عن رسول الله قوله: «مَنْ قَضَى لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ حَاجَةً كَانَ كَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ دَهْرَهُ»[2] .

وعن كفالة اليتيم: روي عنه أنه قال: «أنا وكافِلُ اليَتيمِ كَهاتَينِ في‏ الجَنَّةِ إذا اتَّقَى اللَّهَ عَزَّوجلَّ - وأشارَ بِالسَّبّابَةِ والوُسطى -»[3] .

وفي مجال الترغيب في دفع الصدقات: قال الله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ[4] ، وروي عن رسول الله ، أنه قال: «تَصَدَّقوا؛ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَزيدُ فِي المالِ كَثرَةً. وتَصَدَّقوا رَحِمَكُمُ اللّهُ»[5] ، وعنه ، قال: «استَنزِلُوا الرِّزقَ بِالصَّدَقَةِ»[6] .

فالمشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية هي مطلب ديني، كما أنها حاجة إنسانية، وضرورة اجتماعية. فلنشارك في الأعمال الخيرية والتطوعية بما نستطيع، وبأية صورة ممكنة، وبأي لون من ألوان المشاركة؛ فهذا من أفضل الأعمال المندوبة عند الله سبحانه وتعالى، والمحبوبة عند الناس.

الهوامش:

[1] سورة البقرة: الآية262.

[2] أمالي الطوسيّ: 2- 95.

[3] تفسير نور الثقلين: 5/ 597/ 23.

[4]  سورة البقرة: الآية276.

[5] الكافي: ج 4 ص 9 ح 2. بحار الأنوار: ج 93 ص 122 ح 27.

[6] التوحيد: ص 68 ح 24 بحار الأنوار: ج 93 ص 121 ح 25.
اضف هذا الموضوع الى: