مشدداً على أن تغيير المسار أمر ممكن في أي لحظة
الشيخ اليوسف: الإنسان كائن قابل للتغير والتحول والتأثر
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف (صورة أرشيفية)
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف (صورة أرشيفية)

تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 13 محرم الحرام 1441هـ الموافق 13 سبتمبر 2019م عن قابلية الإنسان لتغيير مساره في أي لحظة من حياته، وأن الإنسان بطبيعته يمر في حياته بأطوار مختلفة، ومنعطفات مهمة، وتغيرات جوهرية، فالإنسان كائن قابل للتغير والتحول والتأثر والتبدل.

وأضاف: يمكن في أي لحظة من اللحظات الحاسمة أو منعطف من المنعطفات الرئيسة أن يغير الإنسان مساره من اتجاه إلى آخر؛ أو قناعاته ومعتقداته إلى قناعات ومعتقدات جديدة؛ فطبيعة الكائن البشري أنه ليس جامداً، وتؤثر عليه عوامل مختلفة، ولكن اختيار ماهية المسار تخضع لاختياره وإرادته، وهو مسؤول عن هذا الاختيار، وما يترتب عليه من آثار ومفاعيل في الدنيا والآخرة.

وأوضح أن تغيير المسار في حياة الإنسان قد يكون إيجابياً، كأن يغير مساره من الاتجاه السلبي نحو المسار الإيجابي، وقد يكون العكس، ولكن أكثر المسارات تأثيراً وعمقاً في حياة الإنسان هو ما يرتبط بمعتقداته الدينية والفكرية، ومستقبله الأخروي، فقد يغير الإنسان مساره في آخر حياته من الشقاوة إلى السعادة، فتكون خاتمة أمره خيراً، وقد يغير مساره من السعادة إلى الشقاء فتنتهي حياته بسوء، فتكون عاقبة أمره خُسراً.

 وقال: إن من دروس واقعة كربلاء أن تغيير المسار يمكن أن يحدث في آخر لحظات حياة الإنسان، وأن العبرة إنما تكون بالنهايات، فالحر بن يزيد الرياحي كان أول من جعجع بالحسين ، وأغلق الطريق على الإمام وأصحابه، ولكنه بعد أن غيّر مساره والتحق بالإمام الحسين أصرّ أن يكون أول شهيد بين يدي الإمام في عاشوراء للتكفير عن ذنبه؛ فحاز على السعادة في خاتمة حياته، وكانت الفاصلة بين الجنة والنار بضع ساعات قليلة.

وأشار إلى أنه في مقابل ذلك كان عمر بن سعد أول من كتب للحسين : قد أينعت الثمار، واخضر الجناب، ونحن لك جنود مجندة، فأقبل؛ ثم كان أول من رمى الحسين بسهم؛ فالعاقبة إنما تكون بالخاتمة والنهاية!

وتابع: حاول الإمام الحسين أن يغير مساره، وجلس معه أكثر من مرة، ودعاه لترك الجيش الأموي والالتحاق به، لكنه اختار الشقاء على السعادة، والنار على الجنة.

وبيّن أنه بفعله هذا وموقفه المشين خسر الدنيا والآخرة، فلم يحصل على شيء مما وعد به، وسرعان ما قبض عليه المختار الثقفي وقتله وقتل ابنه حفص وقال: «هذا بِحُسَينٍ عليه السّلام، وهذا بِعَلِيِّ بنِ حُسَينٍ عليه السّلام ولا سَواءَ».

وأوضح سماحة الشيخ اليوسف أن علينا أن نستلهم  من كربلاء  درساً بليغاً بأن نحرص على حسن العاقبة، وسعادة الخاتمة، فقد يبدأ أي إنسان حياته في مسار الإيمان والتدين والخير والصلاح؛ ولكن تكون خاتمته خاتمة سوء، وقد يبدأ حياته في مسار الانحراف والفساد والشر، وتكون خاتمته خاتمة خير وسعادة كما هو حال الحر الرياحي.

وشدّد على أنه من المهم الانتباه جيداً لاختيار المسار الصحيح، والحرص على عدم تغيير المسار في الاتجاه المنحرف أو الخاطئ، فالأمور بخواتيمها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «الأُمورُ بتَمامِها، والأعْمالُ بخَواتِمِها».

وأوضح أن حقيقة السعادة أو الشقاء إنما تكون بالخاتمة، فقد قال الإمام علي عليه السلام: «إنّ حَقيقةَ السّعادَةِ أن يُخْتَمَ للمَرءِ عَمَلُهُ بالسَّعادَةِ، وإنَّ حَقيقةَ الشَّقاءِ أنْ يُخْتَمَ للمَرْءِ عَمَلُهُ بالشَّقاءِ».

ونبّه من مغريات الدنيا، ووساوس الشيطان، فقد يبدأ الإنسان حياته متديناً ثم يغير مساره ويكون ملحداً، أو يبدأ حياته بطلب العلم الديني ثم يصبح منظراً للفكر الشيوعي، فيخسر الدنيا والآخرة.

وأكد على أنه لا يوجد أي ضمان للإنسان أن يبقى على ما هو عليه من قناعات أو معتقدات أو أفكار، فقد يغير مساره لأي سبب كان، وقد يكون هذا التغيير إيجابياً أو سلبياً، نحو السعادة والفوز في الدارين، أو نحو الشقاء والتعاسة في الدنيا والآخرة.

ودعا الإنسان المؤمن أن يفكر في آخرته، وأن يستلهم من كربلاء، وسيرة الإمام الحسين أن يحافظ على إيمانه وتدينه وثباته على المبادئ والقيم والأخلاق؛ وألا يغتر بالدنيا، فإنها تغري وتغر وتضر.

واعتبر أن الاغترار بالدنيا، ومخالطة أهلها، والتأثر بأصحاب الدعوات المنحرفة والملحدة والفاسدة من موجبات سوء العاقبة؛ بينما التفكير في الآخرة، والإيمان بالمعاد، وقوة الإيمان، وسلامة العقيدة، ومخالطة أهل الصلاح والخير والإيمان، وإعمال العقل من موجبات حسن العاقبة، وسعادة الخاتمة.


 

اضف هذا الموضوع الى: