مؤكداً على عناية رسول الله (ص) بالقراءة والكتابة
الشيخ اليوسف: القراءة ترتقي بشخصية الإنسان وتشعره بالمتعة والراحة
سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف أثناء إلقاء الخطبة (صورة أرشيفية)
سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف أثناء إلقاء الخطبة (صورة أرشيفية)

تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 15 ربيع الأول 1440هـ الموافق 23نوفمبر 2018م عن أهمية القراءة في الارتقاء بالإنسان عقلياً وعلمياً، مشيراً إلى فوائد القراءة التي لخصها في اكتساب العلوم والمعارف، وتنمية الشخصية وصقلها، وفتح آفاق جديدة، والتحفيز نحو الإبداع والتطوير، والاطلاع على منجزات العقل الإنساني، وإتقان مهارة الكتابة، والشعور بالمتعة والراحة والاسترخاء الذهني والنفسي والعقلي.

وأضاف: عرف الإنسان القراءة منذ القدم، وهي تعتبر الفاصلة بين عصر ما قبل التاريخ، وعصر التاريخ، حيث بدأ تدوين (عصر التاريخ) باستعمال الإنسان الكتابة وممارسة القراءة، ومن هنا فتاريخ الإنسانية مقرون بتاريخ ظهور القلم والخط، وتعلم القراءة والكتابة.

وأوضح: أن الإسلام أولى عناية خاصة بالقراءة، فأول آية نزلت في القرآن الكريم كانت كلمة ﴿اقْرَأْ في قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿96/1 خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿96/2 اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿96/3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿96/4 عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ، وفي هذه الآيات الشريفة دلالة عميقة وإشارة كبيرة إلى أهمية القراءة والكتابة في الارتقاء بالإنسان والمجتمع، وصناعة التقدم العلمي والحضاري.
     
وقال: اعتنى رسول الله عناية كبيرة بتعليم المسلمين القراءة، إذ نجد في سيرته المباركة هذا الموقف النبوي الذي يدل على ذلك، وهو موقف فداء الأسرى في بدر؛ فقد كان رسول الله يطلب من الأسرى الذين يرغبون في إطلاق سراحهم أن يقوموا مقابل فداء أنفسهم من الأسر بتعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، وفي هذا دلالة قوية على عناية الرسول الأكرم بمسألة القراءة، لأن أية أمة لا يمكنها الارتقاء والتقدم والرقي من دون العلم والمعرفة.

وأضاف: وفي موقف آخر كان رسول الله يزوج الرجل على أن يكون مهر المرأة تعليمها سورة من القرآن، وفي هذا أيضاً دلالة أخرى على عنايته بالتعليم والقراءة.

وتابع: ولهذا استطاع الرسول الأكرم أن ينتقل بأمة العرب من الجهل إلى العلم، ومن التخلف إلى الارتقاء العلمي والحضاري.

وأكد على أن رسول الله غرس حب القراءة واكتساب العلوم والمعارف في قلوب وعقول المسلمين، وكان من ثمار ذلك تأسيس المكتبات الإسلامية التي أنشئت في التاريخ الإسلامي وكانت من أعظم المكتبات ولقرون طويلة مثل: مكتبات بغداد، القاهرة، المدينة المنورة، دمشق، القدس، غرناطة، قرطبة، النجف، وغيرها من المكتبات الكبيرة والغنية بمختلف أنواع الكتب والمصنفات والموسوعات العلمية.

ثم تحدث الشيخ اليوسف عن فوائد القراءة، معتبراً أن أول فائدة هي اكتساب العلم والمعرفة، إذ تعد القراءة المنهجية أو التخصصية من المصادر المهمة لاكتساب العلوم والمعارف، فهي من أهم مصادر التعلم الإنساني وأوسعها في كسب مختلف العلوم ومعرفة الأفكار على تنوعها وتعدد مشاربها، ولذلك تشجع الدول المتقدمة على تشجيع القراءة، وحث الناس على المطالعة، وإيجاد البيئة المناسبة المشجعة لحب القراءة والمطالعة. 

وانتقد الإدمان على انتشار القراءة غير المنهجية كالقراءة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الحديثة كالواتساب فقد تعطي الإنسان بعض المعلومات والأفكار ولكنها عادة ما تكون مشتتة وغير منهجية وغير موضوعية، وغير رصينة علمياً بخلاف القراءة الجادة والواعية والمركزة.

وأما الفائدة الثانية للقراءة فهي تنمية الشخصية، حيث تساعد القراءة الواعية على تنمية شخصية الإنسان، وتطوير ذاته، كما أنها تزيد من النضج والرشد العقلي عنده، وتفيد في صقل طاقاته ومواهبه، وتزيد من مخزونه العلمي والفكري، وتؤدي إلى الاستفادة من خبراته الحياتية والعملية.

وعن الفائدة الثالثة للقراءة قال: أنها تفتح آفاقاً جديدة أمام القارئ، فالإنسان دائم القراءة تنفتح أمامه الكثير من الآفاق الجديدة في العلوم والتجارب والنظريات العلمية والثقافية والمعرفية.

ورأى أن الإنسان الذي يقرأ يتنزه في عقول الآخرين، ويتجول بين أفكارهم وآرائهم ونظرياتهم، ويقرأ خلاصة ما كتبه أهل الرأي والعلم والفكر.

وأضاف: على الإنسان الذي يطمح للإبداع والابتكار والاختراع أن يقرأ الكثير من تجارب من سبقه، وأفكار من تقدمه من أهل العلم والتجربة؛ حتى يبدع ويبتكر ويخترع أشياء جديدة.

وعن الفائدة الرابعة من فوائد القراءة وهي إتقان مهارة الكتابة قال سماحة الشيخ عبدالله اليوسف: إن إتقان مهارة الكتابة والتأليف يحتاج إلى قراءة واسعة، فالقراءة الدائمة تساعد الإنسان الطامح لأن يكون كاتباً على الإبداع في الكتابة والتأليف.

واستطرد قائلاً: وإلا فإن من يقدم على الكتابة وهو لا يملك المحصّلة الثقافية الجيدة غالباً ما تكون كتابته سطحية ولا تحمل جديداً؛ لذلك يحتاج الكاتب ـ كي يكون مبدعاً ـ إلى نهمٍ في القراءة، كي يصقل موهبته الأدبية، ويثري مفرداته اللغوية، ويتزود بالكثير من المعلومات الجديدة.

وعن الفائدة الخامسة للقراءة قال: الشعور بالمتعة والراحة، إذ تعطي القراءة شعوراً بالمتعة والراحة، وتساعد على الاسترخاء الذهني، وتخفيف التوتر وامتصاص الضغوط الحياتية، خصوصاً في قراءة الكتب الخفيفة الممتعة كقراءة القصص القصيرة الجميلة، أو قراءة الأشعار الغزلية والعاطفية، أو قراءة كتب الطرائف والنوادر والنكت، أو قراءة الكتب التي تتناغم مع ميول الشخص وتوجهاته النفسية والذاتية.

وتابع: إن القراءة تمنع من الملل والسأم والنكد، وتساعد على ملء الفراغ، وتمنع الشعور بالعزلة والوحدة والاكتئاب والقلق، وفي نفس الوقت يكتسب القارئ فوائد أدبية وعلمية ومعرفية متنوعة.

وأشاد بفعالية (بسطة حسن) والفعالية الجديدة والتي عنوانها (زاد المصلين) والتي يديرها الأستاذ/ حسن آل حمادة حيث يتنقل بالكتاب إلى أماكن تواجد الناس كالكورنيش على البحر والحدائق العامة والمجمعات التجارية، وأخيراً المساجد والجوامع في يوم الجمعة، كل ذلك من أجل تشجيع الناس على القراءة، والحصول على الكتاب الجيد والمفيد.

وأشار إلى أن العالم والباحث عن الكتاب سابقاً كان يقطع الفيافي ويخاطر بحياته لمشقة السفر على الدواب ويتحمل المشاق والصعوبات الكثيرة من أجل الحصول على كتاب، أما اليوم فإن الحصول على الكتاب بات أمراً سهلاً، ويمكنه حيازة  آلاف الكتب بضغطة زر في هاتفه أو حاسوبه الشخصي، أو زيارة المكتبات للحصول على الكتاب الورقي، وما على الإنسان إلا أن يقرأ ويطالع ما يشتهي من كتب.

اضف هذا الموضوع الى: