موضحاً أن التدبر مطلوب والتفسير بالرأي ممنوع
الشيخ اليوسف: شهر رمضان أفضل وقت للتدبر في القرآن الكريم
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف يلقي خطبته للمصلين (أرشيف)
سماحة الشيخ عبدالله اليوسف يلقي خطبته للمصلين (أرشيف)

أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 22 شعبان 1438هـ الموافق 19 مايو 2017م على أهمية التدبر في القرآن الكريم، واغتنام شهر رمضان المبارك في التدبر في آيات القرآن الحكيم، وعدم الاكتفاء بالتلاوة أو الاستماع، وإنما السعي لفهم الكنوز و المعارف القرآنية.
       
وأضاف سماحته قائلاً: إن القرآن الكريم حَثَّ على التدبر في آياته، وفهم حقائقه ومقاصده ومراميه، كما أن من المهم أيضاً معرفة محكماته من متشابهاته، وخاصه من عامه، وناسخه من منسوخه، ومجمله ومقيده، وهذا يحتاج إلى معرفة إجمالية بمقدمات التفسير والتدبر، واتباع مناهج التفسير المعتبرة لفهم القرآن الكريم.

وتابع بالقول: جاء في القرآن الكريم نفسه الأمر بالتدبر في آياته، كقوله تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً وقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ وقوله تعالى:  ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا فهذه الآيات الشريفة تدعو إلى التدبر في القرآن الكريم، والتأمل والتفكر في آياته، ومعرفة أسراره وعجائبه وكنوزه.

وذكر سماحته أن السنة الشريفة تؤكد أيضاً على أهمية التدبر في القرآن الكريم، واعتبار أن القراءة المجردة للقرآن الكريم من غير تدبر وفهم لآياته وأسراره لا خير فيها، والمطلوب -كما أمرنا القرآن نفسه- أن نقرأ القرآن بتدبر وتأمل وتفكر حتى نستنطق مقاصده ومراميه، ونعمل بأوامره وتعاليمه، ونتجنب الوقوع في نواهيه وزواجره، فقد ورد عن رسول الله قوله: «لا قِراءَةَ إلّابِتَدَبُّرٍ» . وعنه ‏ في خُطبَةِ الغَديرِ قال: « مَعاشِرَ النّاسِ! تَدَبَّرُوا القُرآنَ، وَافهَموا آياتِهِ، وَانظُروا إلى‏ مُحكَماتِهِ، ولا تَتَّبِعوا مُتَشابِهَهُ ». وقال الإمام عليّ : « ألا لا خَيرَ فِي قِراءَةٍ لَيسَ فيها تَدَبُّرٌ» . وعنه قال: «  تَدَبَّروا آياتِ القُرآنِ وَاعتَبِروا بِهِ؛ فَإِنَّهُ أبلَغُ العِبَرِ».

وأشار سماحته إلى أن هذه الأحاديث وغيرها الحاثة على التدبر في القرآن، والمبينة لفضل القرآن والتدبر في آياته، وبيان أهميته وضرورته، تؤكد على حقيقة أن القرآن الكريم إنما أنزل للعمل بما جاء به، والاقتداء بنوره، وهذا الأمر لا يتحقق إلا بالتدبر في القرآن الكريم، وفهم أحكامه، وتفسير آياته الشريفة، والتفكر والتأمل في مقاصده ومعانيه ودلالاته.

وأوضح سماحة الشيخ اليوسف الفرق بين التدبر والتفسير بالرأي، فالأول مطلوب، والثاني منهي عنه، فقد تضافرت الأحاديث الشريفة الواردة عن رسول الله وأهل بيته الأطهار بالمنع والنهي عن تفسير القرآن بالرأي، فقد روي عن رسول اللَّهِ أنه قال: «قالَ اللَّهُ جلَّ جلالُه: ما آمَنَ بي مَن فَسَّرَ بِرَأيهِ كَلامي» . وعنه قال: «مَن قالَ في القرآنِ بغَيرِ عِلمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقعَدَهُ مِن النارِ» . وعنه قال: «أكثَرُ ما أخافُ على‏ امَّتِي مِن بَعدي رجُلٌ يَتَأوَّلُ القرآنَ يَضَعُهُ على‏ غيرِ مَواضِعِهِ»  وقال أمير المؤمنين : «إيّاك أن تفسّر القرآن برأيك حتّى تفقّهه عن العلماء».

والأحاديث في النهي عن تفسير القرآن بالرأي مستفيضة، بل متواترة، فحتى لا يقع الإنسان في المحذور والممنوع، عليه أن يعرف مقدمات التفسير وقواعده على أقل تقدير قبل البدء في التدبر والتفسير.

وأوضح سماحته أن التفسير بالرأي يختلف عن التدبر، فالأول يعني تفسير القرآن الكريم بغير ما أراد الله تعالى، أو تفسيره وفق الأهواء والمصالح الشخصية، أو تفسيره بغير علم ومعرفة، أو تحميل القرآن الكريم ما لا يحتمل، أو تأويله بما لا يصح، أو تكييف القرآن بحسب الرغبات والميول والاتجاهات الفكرية والكلامية ...وما أشبه ذلك من أنواع وصور التفسير بالرأي.

أما معنى التدبر في القرآن الكريم فيعني إعمال العقل وبذل الجهد لمعرفة المراد من آيات الذكر الحكيم وفق آليات المنهج العلمي في التفسير، فالتدبر يعني التفكر والتأمل ومحاولة فهم معاني ودلالات الآيات الشريفة، واستخلاص المعارف القرآنية، واكتشاف أغوار القرآن وكنوزه وأسراره.

وفصّل سماحة الشيخ اليوسف مناهج التفسير المتبعة عند المفسرين في تفسير القرآن الكريم والتدبر فيه، لكن يمكن تقسيمه إلى قسمين أساسيين، وهما: التفسير بالعقل، والتفسير بالنقل، ويتفرع من كل قسم مجموعة من المناهج التفسيرية.

وختم سماحته الخطبة ببيان تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالأحاديث والروايات، مع بيان بعض الأمثلة على ذلك، داعياً الجميع إلى الاهتمام بالتفسير والتدبر في القرآن الكريم وخصوصاً في شهر رمضان المبارك.

اضف هذا الموضوع الى: