مؤكداً على أهمية الاقتداء بالإمام الرضا (ع) في تواضعه ورفقه بالناس
الشيخ اليوسف: التعامل بعنصرية مع الناس يؤدي إلى توليد الكراهية والأحقاد
سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف متحدثاً  للحضور
سماحة الشيخ عبدالله أحمد اليوسف متحدثاً للحضور

أكد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف على أن التعامل العنصري مع الناس يؤدي إلى توليد الكراهية والأحقاد والضغائن في المجتمع، وأن التكبر والاستعلاء هو من أهم أسباب التعامل بعنصرية مع الآخرين؛ بينما التواضع يؤدي إلى زيادة المحبة والمودة سواء على الصعيد الفردي أم الصعيد الاجتماعي.

وأضاف سماحته قائلاً: إن التفاضل بين الناس يجب أن يرتكز على التقوى والعلم والعمل الصالح مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  وقوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ أما أن يشعر الإنسان بأنه أفضل وأحسن وأعلى من غيره بسبب اللغة أو اللون أو العرق أو القومية أو القبيلة ... فليس له أساس ديني أو عقلائي.

ولفت سماحته إلى أن الانتماء لقومية معينة أو عرق معين أو قبيلة معينة أو مجتمع معين أو شعب معين أو ... فلا يعد ذلك ميزة بحد ذاته، وليس مدعاة للتفاضل بين الناس، وإنما التفاضل يجب أن يرتكز على التقوى والعلم والعمل الصالح.

وأوضح سماحة الشيخ عبدالله اليوسف في كلمته التي ألقاها في مأتم باب الحوائج في صفوى بمناسبة ذكرى ميلاد الإمام الرضا ليلة الأحد 11 ذو القعدة 1435هـ الموافق 6 سنتمر 2014م إلى أهمية التعامل مع الناس يتواضع ورفق ولين كما كان الإمام الرضا يتعامل مع كافة الشرائح والمكونات الاجتماعية بما فيهم الخدم والموالي الذين كانوا يعملون في خدمته وتحت إمرته.

وبيّن سماحته أن الإمام الرضا كان يرفض التعامل بعنصرية وتعالٍ مع مواليه وخدمه، فقد أخرج الشيخ الكليني بسنده: (( إن الإمام الرضا في سفره إلى خراسان فدعا يوماً بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة فقال: مَهْ، إن الرب تبارك وتعالى واحد، والأم واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال )).

وروى الشبلنجي: أن الإمام الرضا دخل يوماً الحمام، فبينما هو في مكان من الحمام، إذ دخل عليه جندي فأزاله عن موضعه، وقال: صب على رأسي، فصب على رأسه، فدخل من عرفه، فصاح: يا جندي هلكت!! أتستخدم ابن بنت رسول الله فأقبل الجندي يقبل رجليه، ويقول: هلا عصيتني إذ أمرتك؟

فقال الإمام: إنها لمثوبة، وما أردت أن أعصيك فيما أثاب عليه.

وعن إبراهيم بن العباس: أنه كان إذا خلا ونصبت الموائد أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتى البواب والسائس. وعن ياسر الخادم: كان الرضا إذا خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير والكبير فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم.

وأوضح سماحته أن تواضع الإمام الرضا لم يكن عن تكلف أو مباهاة أو مصانعة، بل هو جزء من تكوينه الذاتي والشخصي، كما أنه ممزوج بالتقوى والورع. فقد كان الإمام الرضا يتعامل مع الناس من منظور الحفاظ على كرامة الإنسان وحفظ حقوقه حتى وإن كان من المستضعفين أو المحرومين أو الفقراء أو العبيد والخدم.

فقد روى ياسر الخادم ونادر جميعاً قالا: قال لنا أبو الحسن صلوات الله عليه: إن قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون، فلا تقوموا حتى تفرغوا، ولربما دعا بعضنا فيقال: هم يأكلون، فيقول: دعوهم حتى يفرغوا.

وعن نادر الخادم قال: كان أبو الحسن إذا أكل أحدنا لا يستخدمه حتى يفرغ من طعامه.

وشدد سماحته على أن في هذه الأمثلة من الدروس والعبر ما يجب الاقتداء بالإمام الرضا ، فالمعاملة مع الخدم والخادمات يجب أن ينطلق من التعامل الإنساني، والإحسان إليهم، والعفو عن أخطائهم كما كان يفعل الإمام .

وأشار سماحة الشيخ اليوسف إلى نموذج آخر للتواضع يقدمه لنا الإمام الرضا في خدمة الضيوف، فعن عبيد بن أبي عبدالله البغدادي عمن أخبره قال: نزل بأبي الحسن الرضا ضيف وكان جالساً عنده يحدثه في بعض الليل فتغير السراج، فمد الرجل يده ليصلحه، فزبره أبو الحسن   ثم بادره بنفسه فأصلحه ثم قال: إنا قوم لا نستخدم أضيافنا.

مبيناً أن الإمام الرضا على جلالة قدره وعلو شانه كان ينظر إلى الناس باحترام، ويحفظ للجميع حقوقهم المعنوية والمادية، ويرى أنه لا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى والعمل الصالح.

وأكد سماحة الشيخ اليوسف على أهمية اجتناب التعامل العنصري مع الناس؛ لأن ذلك يتنافى مع أخلاق الإسلام وآدابه، كما يتنافى مع روح الإسلام ومقاصده العليا.

ودعا سماحته الجميع إلى الاقتداء بالإمام الرضا في التواضع والرفق واللين في التعامل مع الناس، والابتعاد عن التكبر والاستعلاء والعنصرية لأنه يتناقض مع منهج أئمة أهل البيت الأطهار وسيرتهم العملية.


اضف هذا الموضوع الى: