داعياً إلى التوحد تحت راية الإمام الحسين (ع)
الشيخ اليوسف: لا توجد ثورة متجذرة في الوحدان الشعبي كثورة الإمام الحسين (ع)
الشيخ د. عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة في المسجد
الشيخ د. عبدالله اليوسف أثناء إلقاء الخطبة في المسجد

 تحدث سماحة الشيخ الدكتور عبد الله أحمد اليوسف في خطبته ليوم الجمعة 26 ذو الحجة 1434هـ الموافق 1 نوفمبر 2013م عن أسباب خلود ثورة الإمام الحسين رغم البعد الزماني لأحداثها؛ لكنها بقيت -وستبقى- رغم مرور قرون على حدوثها حيّة وخالدة وباقية في الوجدان الشعبي عند الناٍس.

وقد روي عن الإمام الصادق أن رسول الله قال: ((إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً)) وبالفعل فإن ثورة الإمام الحسين وذكرى عاشوراء بقيت قوية في ضمير الأمة، وحية في وجدان الناس.

وأضاف قائلاً: إنه لا توجد ثورة حظيت بالخلود والاستمرار والتفاعل العاطفي والوجداني معها كثورة الإمام الحسين ، إذ عادة ما يستمر الاهتمام بأي حدث تاريخي فترة معينة من الزمن ثم ينسى ذلك الحدث، ليبقَ مسجلاً في بطون الكتب للتاريخ، أما أن يبقى التفاعل على نفس الدرجة من الحرارة والاهتمام والاستمرار فهذا لا نجده إلا في ثورة الإمام الحسين الخالدة.


وأشار سماحة الشيخ اليوسف إلى أهم عوامل وأسباب خلود وديمومة ثورة الإمام الحسين ، ومنها: العامل الديني؛ حيث أن الإمام الحسين هو إمام من أئمة المسلمين، وقائد من قادة الإسلام، وابن بنت رسول الله وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، وقد ضحى بنفسه من أجل الدين، وإحقاق العدل والحرية والإصلاح، ومقاومة الظلم والفساد والانحراف، فهذا العامل الديني والعقائدي له أثره الفاعل في خلود هذه الثورة وديموميتها.

وأوضح سماحته أن أهداف ثورة الإمام الحسين كانت رسالية وربانية، ولم تكن لأهداف مصلحية دنيوية؛ بل كانت من أجل الحفاظ على الإسلام من التحريف والتزييف، وإحقاق العدل، ورفض الظلم، وإصلاح حال الأمة... وهو ما جعلها خالدة ومحفورة في ضمير الأمة، ومتجذرة في الوجدان الشعبي للناس رغم تعاقب الأجيال وتقادم الزمان.

ثم تطرق سماحة الشيخ عبد الله اليوسف إلى العامل الثاني لخلود ثورة الإمام الحسين ، وهو الطبيعة المأساوية لأحداث الثورة ويومياتها؛ فقد كانت الثورة من بدايتها حتى نهايتها فاجعة مدوية تثير الألم والأسى والحزن العميق في القلوب والنفوس. فعندما نقرأ ما حدث للإمام الحسين ، وأهل بيته، وأنصاره وأصحابه من مآسٍ محزنة، ونهايات مؤلمة جعلها ذات جاذبية خارقة على المستوى الإنساني العام فضلاً عن بعدها الديني. فكل من يطلع على أحداث كربلاء -وإن لم يكن مسلماً- يتفاعل ويتضامن إنسانياً مع مظلومية الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه الذين استشهدوا بين يديه، ويستنكر ما تعرضت له النساء والأطفال من التشريد والأسر والأذى النفسي والجسدي بما يدمي القلوب ويثير الأسى والألم العميق.

ثم أشار سماحته إلى العامل الثالث في خلود الثورة الحسينية وهي اهتمام أئمة أهل البيت بإحياء هذه الثورة، وتذكير الناس بتفاصيلها المفجعة، لإبقاء ذكرى عاشوراء حية في ضمير الأمة؛ فقد كان الأئمة يدعون إلى إحياء عاشوراء، والتشجيع على إنشاد الشعر فيها، وإقامة مجالس العزاء، والحث على زيارة الإمام الحسين ، والبكاء عليه، وخدمة زواره. وقد وردت في كل ذلك أحاديث وروايات كثيرة كقول النبي : ((كل عين باكية يوم القيامة إلا عين بكت على مصاب الحسين )). وقول الإمام الصادق : (( ولا يذكره مؤمن إلا بكى )). وكان الإمام الصادق يحث على إنشاد الشعر في الإمام الحسين وباقي الأئمة الأطهار ؛ فقد قال : (( من قال فينا بيت شعر بنى الله له بيتاً في الجنة )).

وبيّن سماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف أن ذلك قد عزز من ارتباط الناس بنهضة الإمام الحسين ، وتحويل ذكرى عاشوراء إلى رمز ديني قوي له الكثير من الدلالات والمفاهيم العقدية والفكرية والأخلاقية والسياسية، وهو الأمر الذي ساهم في إبقاء الثورة الحسينية متوقدةً في الوجدان الشعبي للأمة، وحية في ضمير الأمة مهما تقادم الزمن وتغيرت الظروف.

 ودعا الشيخ اليوسف إلى المساهمة الفعالة في إحياء ذكرى عاشوراء، والمشاركة في الشعائر الحسينية، وحضور المجالس الحسينية، والعمل على نشر الفكر الحسيني الأصيل، وإيصال أهداف ثورة الإمام الحسين إلى العالم كله حتى يتعرفوا على تفاصيل تلك الثورة، وأحداثها وأهدافها وتطلعاتها ومنطلقاتها ونتائجها.

وختم خطبته بالدعوة إلى التوحد تحت راية الإمام الحسين ، والعمل يداً واحدة في إبراز النهضة الحسينية بما يتناسب مع مقام وفضل ومكانة الإمام الحسين ، وتجنب الوقوع في المهاترات والصراعات التي قد تنشأ نتيجة للاختلاف الفقهي أو الفكري في بعض التفاصيل المرتبطة بالثورة الحسينية، والتوحد كمؤمنين تحت راية الإمام الحسين ، وأن نذوب جميعاً في الإمام الحسين كما ذاب هو في الدين، وأن نسير على نهجه ونلتزم بمنهاجه.

 

اضف هذا الموضوع الى: