الشباب والارتباط بالله تعالى
الشيخ عبدالله اليوسف - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م
من أقوى الأساليب الوقائية في مواجهة الثقافة المادية المعاصرة الارتباط بالله تعالى في كل وقت ومكان، فهذا الارتباط يقوي إيمان الإنسان، يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (1) ، فالمؤمن يذكر الله في كل حال، في القيام والقعود، وفي كل وقت، أما المنافق فلا يذكر الله إلا قليلاً كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) . ومن ينغمس في الشهوات والملذات المحرمة فإن الشيطان قد استحوذ عليه، ومن يستحوذ عليه الشيطان ينسى ذكر الله تعالى كما في قوله تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (3) ، في حين إن الشاب المؤمن عندما يكون إيمانه قوياً فلا شيء في الدنيا من مغريات وإغراءات يمكن أن تؤثر عليه، يقول تعالى: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (4) .
ومن صفات المؤمن التفاعل الوجداني والعاطفي مع ذكر الله عز وجل، يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (5) . وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (6) . فذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، والتوكل على الله كما في الآية الأولى من صفات المؤمن الصادق، وفي الآية الثانية. إضافة لذلك، الصبر على المصائب، إقامة الصلاة، الإنفاق في سبيل الله...كلها صفات للمؤمن الصادق.
ويأنس المؤمن بذكر الله، ويشعر براحة قلبية كما في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (7) واطمئنان القلوب لا يشعر به إلا من تذوق حلاوة الإيمان وعذوبته.
وما أحلى الشاب عندما يكون قوي الإيمان، دائم الارتباط بالله تعالى، يلهج لسانه بذكر الله في كل وقت وحين، هذا الشاب يباهي الله عز وجل به ملائكته، إذ ورد عن الرسول الأعظم : ((إن أحب الخلائق إلى الله عز وجل شاب حدث السن في صورة حسنة جعل شبابه وجماله لله وفي طاعته، ذلك الذي يباهي به الرحمن ملائكته، يقول: هذا عبدي حقاً))(8)، وعن الرسول الأعظم أيضاً قال: (( ما من شاب يدع لله الدنيا ولهوها وأهرم شبابه في طاعة الله إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقاً )) (9) .
والارتباط بالله تعالى يجب أن يترجمه الشباب بالالتزام بما أمر الله تعالى به من أوامر، واجتناب عما نهى الله عنه من محرمات وموبقات، ومداومة على أداء العبادات والشعائر الدينية كالصلاة والصوم والحج والزكاة... وغيرها من العبادات الواجبة.
مثل هذا الشاب المؤمن يكون أحد السبعة الذين يشملهم ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، فقد ورد عن الرسول الأعظم  قوله: ((سبعة في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل)) (10) كما يكون محبوباً عند الله تعالى، فقد ورد عن الرسول الكريم قوله: (( إن الله يحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله تعالى)) (11).
وعندما يقوى إيمان الشباب بالله تعالى، ويكونون على صلة دائمة بالخالق عز وجل، فإن هذا أكبر وقاية من أي انحراف ثقافي أو أخلاقي أو أي نوع من أنواع الانحرافات، فللإيمان آثار عظيمة على شخصية الشباب، إذ تنمي عندهم الحصانة العقائدية، والنظر إلى الآخرة كدار للمستقبل، والخوف من الله عز وجل في السر والعلن، والإتيان بالأعمال الصالحة، وعدم ارتكاب أية موبقات أو محرمات مهما كان حجمها.
لذلك تحاول الثقافة المادية أن تزعزع إيمان الشباب بعقائدهم وثوابتهم الدينية، وتتبع لذلك أساليب مختلفة، وبالتدريج حتى تتمكن من الاستحواذ عليهم، وسلب مناعتهم الإيمانية.
وعليه، فإن أهم وسيلة وأسلوب لحماية الشباب من الثقافة المادية المعاصرة هو تقوية دعائم الإيمان في نفوسهم، وتثبيت الارتباط بالله تعالى في كل وقت وحالة، وعندها لا يمكن لأية ثقافة منحرفة أن تزعزع التزام الشباب بالثقافة الإسلامية الأصيلة.
ـــــــــــ
الهوامش:
1 - سورة: آل عمران، الآية: 191.
2- سورة: النساء، الآية: 142.
3 - سورة: المجادلة، الآية: 19.
4 - سورة: النور، الآية: 37.
5 - سورة: الأنفال، الآية: 2.
6 - سورة: الحج، الآية: 35.
7 - سورة: الرعد، الآية: 28.
8 - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، مؤسسة دار الحديث الثقافية، بيروت، الطبعة الثانية 1419هـ، ج4، ص 1401، رقم 9096.
9 - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، مؤسسة دار الحديث الثقافية، بيروت، الطبعة الثانية 1419هـ، ج4، ص 1401، رقم 9095.
10 - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، مؤسسة دار الحديث الثقافية، بيروت، الطبعة الثانية 1419هـ، ج4، ص 1401، رقم 9094.
11- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، مؤسسة دار الحديث الثقافية، بيروت، الطبعة الثانية 1419هـ، ج4، ص 1401، رقم 9097

24/7/1431
اضف هذا الموضوع الى: