الشيخ اليوسف: القابلية للظلم أخطر من الظلم نفسه
استضاف ملتقى القرآن نور بمحافظة القطيف مساء الاثنين ليلة الثلاثاء 25/2/1429هـ الموافق 3/3/2008م الكاتب والباحث الإسلامي الشيخ عبدالله أحمد اليوسف في ندوة قرآنية أقيمت في حسينية الإمام الحجة قدَّم فيها ورقة تحت عنوان ( الظلم الاجتماعي في القرآن الكريم).
بدأ الشيخ اليوسف حديثه في الندوة التي أدارها الأستاذ علي آل طالب بمدخل جاء فيه : (يعتبر الظلم من أخطر الآفات الاجتماعية والسياسية التي تهدد أي مجتمع بالزوال والانهيار والدمار، وانعدام الأمن والسلام الاجتماعي، وغياب الاستقرار السياسي، وتضاعف المشاكل وتراكمها.
وحول تعريف الظلم الاجتماعي قال الشيخ اليوسف: ( الظلم الاجتماعي هو: أي انتهاك أو تعدِ أو تجاوز أو حيف بحقوق الناس العامة، أو ممارسة التمييز ضدهم على أسس قبلية أو عرقية أو مذهبية أو لغوية أو غيرها من اعتبارات عنصرية؛ من غير فرق بين أن يكون القائم بهذه الممارسات الظالمة سلطة سياسية أو غيرها. مع العلم أن السلطة السياسية الحاكمة في أي مجتمع إنساني هي الأقدر على ممارسة الظلم أو تطبيق العدل).
مرتكزات الظلم الاجتماعي
ثم أوضح الشيخ اليوسف أن للظلم الاجتماعي مرتكزات وقواعد ومصاديق متعددة ومتنوعة وكثيرة، وقد ذكر منها: انعدام التوازن الاجتماعي مما يؤدي إلى نشوء الطبقية في المجتمع، تلك الطبقية التي ترمز إلى استعباد الأغنياء للفقراء، وسيطرة أصحاب النفوذ على من لا نفوذ لهم، والتباهي بالمال والجاه والقبيلة والعرق على التقوى والعلم والأخلاق.
ثم أوضح الشيخ اليوسف مصداقاً آخر للظلم الاجتماعي يتمثل في أكل أموال الناس بالباطل، ويتعاظم تأثيراته الاجتماعية عندما يكون صادراً من الدولة نفسها أو من الشركات العملاقة النافذة اقتصادياً أو من شخصيات قادرة على ممارسة سلب أموال الناس بغير وجه حق.
كذلك فإن انتهاك الحقوق العامة للناس سواء كانت مادية أم معنوية تعد من المصاديق البارزة للظلم الاجتماعي الذي حرمه الإسلام.
كما أن أي ممارسة تميز الناس بعضهم عن البعض الآخر، وتكون قائمة على أساس اللون أو العرق أو النسب أو القبيلة أو المذهب أو الفكر تعد من المصاديق والمظاهر الواضحة للظلم الاجتماعي.
مواجهة الظلم الاجتماعي
وبعد أن أوضح مصاديق الظلم الاجتماعي أثار سؤالاً هاماً وهو: كيف نواجه الظلم الاجتماعي؟ وما هي الخطوات التي يدعونا إليها القرآن المجيد للقضاء عليه وإحلال العدالة الاجتماعية محله؟
أ جاب عنه بعدة نقاط ، ذكر منها : رفض الظلم حيث أوضح في هذا الجانب كيفية الرفض حيث قال: رفضه وعدم القبول به، إذ يجب على المجتمع ـ كما الأفراد ـ رفض الظلم بجميع صوره وأشكاله؛ وهذا الرفض يجب أن يكون شاملاً، بمعنى الرفض النفسي، والرفض العقلي، والرفض الجسمي، والرفض الأخلاقي، والرفض الثقافي، والرفض الاجتماعي لمبدأ الظلم؛ يقول تعالى: ﴿ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
وفي مواجهة الظلم الاجتماعي يوجهنا القرآن الكريم إلى عدم الركون إلى الظلمة، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ لأن في التعاون معهم والميل إليهم والرضا بهم يؤدي إلى تقوية شأنهم، وقوتهم يؤدي إلى زيادة مساحة الظلم والجور في المجتمع، وتغييب العدل والعدالة والحرية والشورى عن أجواء المجتمع وثقافته.
ويمثل الجهر بالمظلومية والتشهير بالظالم أحد الأساليب التي أشار إليها القرآن الكريم في مواجهة الظلم كما في قوله تعالى:. ﴿لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً

كما أنه لابد أن يتحمل المجتمع مسؤولية كبيرة في مساعدة المظلومين برد المظالم إليهم، والأخذ بحقوقهم، والدفاع عنهم.
كما أكد الشيخ اليوسف على ضرورة العمل نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، من خلال استخدام كل الآليات والوسائل المشروعة لتغيير الواقع، وتغيير الظلم الاجتماعي إلى العدالة الاجتماعية بحاجة لأن يغير المجتمع من نفسه حتى يحدث التغيير. وعندما يقوم المظلومون والمستضعفون بدورهم في مقارعة الظلم والعمل لتحقيق العدل فإنهم موعودون بالنصر والعزة والكرامة، ووراثة مقاليد الأمور من الظالمين.
والوسيلة الأخيرة التي يمكن للإنسان أن يواجه بها الظلم الاجتماعي هي الدعاء على الظالم.حيث قال الشيخ اليوسف ( على الإنسان المظلوم أن لا يقبل بالظلم، وإذا كان لا يستطيع ممارسة أي عمل على ظالمه فليدعو الله عز وجل أن ينتقم منه، و يخلصه من الظالم، ويرجع الحق إليه).
عاقبة الظلم والظالمين
وختم الشيخ اليوسف ورقته بالمحور الأخير حول عاقبة الظلم والظالمين
حيث أن للظلم عواقب وخيمة على الظالمين، وقد أشار الشيخ اليوسف إلى أبرزها بقوله : يحدثنا القرآن الكريم عن أن نهاية الظالمين والطغاة عادة ما تكون مأساوية في الدنيا، وأن الله تعالى ينتقم من الظالمين على ظلمهم.
كما يؤدي الظلم إلى تدمير الحضارات، فما ساد الظلم في مجتمع إنساني إلا وأدى إلى هلاك ودمار ذلك المجتمع، وخراب منجزاته الحضارية والمدنية كما أشار لذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ

وختم الشيخ اليوسف هذا المحور بقوله: بأن عذاب الظالمين في الآخرة عذاب أليم، والعقاب في الآخرة يتناسب مع الذنب والمعصية، ولأن الظلم من أكبر المعاصي، فعقابه من أشد أنواع العذاب.
الجدير بالذكر أن الشيخ اليوسف دعم كل فكرة من أفكار البحث القيم بآية من القرآن الكريم ليصبح عدد الآيات القرآنية 81 آية كما أنه اعتمد على 3 من كتب التفسير لإيضاح الآيات الكريمة.
وبعد أن قدَّم الشيخ اليوسف ورقته أتيح المجال للأسئلة والمداخلات التي شارك بها الجمهور الكريم.

26/2/1429
اضف هذا الموضوع الى:
كاتب وأخصائي تغذية- القطيف