سبب نزول آية الكرسي
عبد الكريم - الجزائر - 31/12/1969م
ماهوسبب نزول آية الكرسي في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
الإجابة:
المشهور بين أهل العلم أن آية الكرسي مكونة من ثلاث آيات وهي قوله تعالى: ﴿اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (1) وقوله تعالى:﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (2) وقوله تعالى: ﴿اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (3).
وقد ذكر المفسرون سبب نزول قوله تعالى : ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يقول الطبرسي في مجمع البيان في سبب نزول هذه الآية : كان لرجل من المدينة اسمه (( الحصين )) ولدان دعاهما إلى اعتناق المسيحية بعض التجار الذين كانوا يفدون على المدينة، فتأثر هذان بما سمعا واعتنقا المسيحية، ورحلا مع أولئك التجار إلى الشام عند عودتهم . فأزعج ذلك الحصين، وأقبل يخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما حدث، وطلب منه أن يعمل على إعادة ولديه إلى الإسلام، وسأله إن كان يجوز إجبارهما على الرجوع إلى الإسلام، فنزلت الآية المذكورة وبينت أن (( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ )) .
وجاء في تفسير المنار أن حصين كان يريد إكراه ولديه على الرجوع إلى أحضان الإسلام، فجاءا مع أبيهما لعرض الأمر على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال الحصين : كيف أجيز لنفسي أن أنظر إلى ولدي يدخلان النار دون أن أفعل شيئاً ؟ فنزلت الآية . (4)
وفي هذه القصة دلالة واضحة على أن الدين لايجوز فرضه بالقوة أو الإكراه على الناس،فالآية الكريمة تشير إلى عدم جواز فرض الدين على الناس بالضغط والقوة حتى بالنسبة للآباء تجاه أبنائهم كما هو الحال في سبب نزول هذه الآية الشريفة، فإذا كان هذا غير سائغ للأب تجاه أولاده فمن باب أولى أن لايكون ذلك سائغاً بالنسبة للآخرين؛ ذلك أن الدين قائم على مجموعة من العقائد القلبية التي لامجال للضغط أو الإكراه للتأثير عليها، ومن هنا ينبغي استخدام المنطق والدليل والبرهان لإقناع الناس بالدين.
ــــــــــــــ
الهوامش:
1 - سورة البقرة: الآية 255.
2 - سورة البقرة: الآية 256.
3- سورة البقرة: الآية 257.
4- الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج2، ص181.
سماحة الشيخ عبد الله اليوسف